وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (١٠٥) وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)
____________________________________
ويبصرونها (وَهُمْ عَنْها) أي عن تلك الآيات (مُعْرِضُونَ) لا يتفكرون فيها ، ولا يعيرونها الاهتمام ، حتى تدلهم على خالقها ومبدعها.
[١٠٧] حتى أن المؤمنين لا يتخلصون عن الشرك كثيرا ما (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ) أي أكثر المؤمنين منهم ـ وذلك يعرف من السياق ـ (بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) فإن كثيرا من المؤمنين يجعلون غير الله مؤثرا في الأشياء ، وهنا هو الشرك ، إذ لا مؤثر في الوجود إلا الله سبحانه ، وما سواه أسباب جعلها تعالى ، وقد وقع الناس ـ كثيرا ـ بين الإفراط والتفريط ، فمن مفرط ظن أن الاستعانة بالطبيب والمهندس والقاضي وما أشبه شرك ، حتى أنهم منعوا أن يقول الناس «يا محمد» «يا علي» ومن مفرّط ظن أن الطبيب هو الشافي الحقيقي والمعطي له ما ليس هو الرزاق الحقيقي ، وكلاهما باطل ، فإن الإنسان إذا قال «يا محمد» وعلم أن محمدا ، إنما يفعل بأمر الله سبحانه ، كان ذلك من محض الإيمان ، كما أنه إذا ظن أن مثل هذه الاستعانة غير جائزة فهو جبري فاسد العقيدة ، أو ظن أن محمدا هو المستقل بالأمر ، بدون أن يكون لله مدخل أصلا فهو مفوّض منحرف الإيمان ، قال الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير الآية ـ كما روي عنه ـ : هل الرجل يقول لو لا فلان لهلكت ، ولو لا فلان لأصبت كذا وكذا ، ولو لا فلان لضاع عيالي ، ألا ترى أنه قد جعل لله شريكا في ملكه ، يرزقه ويدفع عنه؟ قيل ، فيقول : لو لا أن منّ الله عليّ بفلان لهلكت؟ قال : نعم لا بأس بهذا (١) ، أقول : وإنما
__________________
(١) تفسير العياشي : ج ٢ ص ٢٠٠.