حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (٣١)
____________________________________
أقسام الافك ، فقد كان المشركون ينتهكون حرمة البيت ، ويحترمون الأصنام ، ويحرمون ما أحل الله من الأنعام ، وينسبون كل ذلك إلى الله سبحانه ، فجاء السياق ليشجب جميع هذه الأعمال ، وحيث أن مركزها كانت مكة ، حشر الجميع في سياق الحج.
[٣٢] في حال كونهم (حُنَفاءَ) جمع حنيف ، وهو المائل عن الشرك ، أي ميلوا عن الشرك نحو الطريق المستقيم ، وهو طريق الله تعالى ، (لِلَّهِ) تعالى (غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) لا تشركوا بالله غيره (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ) ويعبد الأصنام من دونه ، فهو مثل إنسان يسقط من السماء ، وقبل أن يصل إلى الأرض ، خطفته الطيور والجوارح ، ليمزقوه ، ويأكلوه لقمة سائغة لهم ، أو تأخذه الريح لتطرحه ، في مكان بعيد عن الأنظار ، حتى لا يبقى أثره ، حتى أن جسمه يضيع ، فلا قبر له ولا أثر ، وهكذا المشرك ، إنه خر من أوج الإيمان الرفيع ، فأخذه الرؤساء الكافرون ، ليجعلوا منه وسيلة لسيادتهم ودنياهم ، فيعيشون على لحمه وشخصه ، أو يبقى وحده ، بلا أن يستهويه أحد ، بل ضالا في الحياة ، لا يدري من هو ، وأين؟ حتى يأتيه الموت ، فيضل في بحر الفناء ، لا أثر له ولا خبر (فَكَأَنَّما خَرَّ) أي سقط (مِنَ السَّماءِ) إلى نحو الأرض (فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ) قبل أن يصل إليها (أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ) أي تميله ـ فلا يقع على الأرض ، ليراه الناس ويأبهوا به ـ (فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) أي بعيد عن الأنظار.