حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٧) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩)
____________________________________
مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) (١).
[٧٨] وقد كان هذا دأب الكافرين ، وحالتهم المستمرة (حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ) بأن لا يكون بعده موضع رجوع وتوبة ، سواء كان بالموت أو بالإهلاك أو في الآخرة ، وفي رواية أنه في الرجعة ، وهو أيضا مصداق لذلك (إِذا هُمْ فِيهِ) أي في ذلك العذاب (مُبْلِسُونَ) من أبلس بمعنى تحير ويأس فإنهم سادرون في الكفر والغي ، حتى يصلوا إلى ذلك العذاب ، حيث لا مرجع ولا توبة ، بل يأس من الخلاص وإبلاس.
[٧٩] ثم أخذ السياق يوقظ وجدان هؤلاء بالنعم الكثيرة التي تدل على وجود منعهما وعلمه وقدرته وفضله (وَهُوَ) الله الواحد (الَّذِي أَنْشَأَ) وخلق (لَكُمُ) أيها البشر (السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) جمع فؤاد ، وهو القلب ، والاختلاف في السمع بالإفراد ، وفي الأبصار والأفئدة بالجمع ، لتفنن بلاغي (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) «قليلا» منصوب ب «تشكرون» أي تشكرون الله سبحانه قليلا ، و «ما» زائدة للتقليل.
[٨٠] (وَهُوَ) الله الواحد (الَّذِي ذَرَأَكُمْ) أي خلقكم وأوجدكم (فِي الْأَرْضِ) فمن غيره خلقكم أيها البشر؟ (وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) الحشر ، هو الجمع ، أي تجمعون بعد الموت للحساب والجزاء ، وكما قدر على
__________________
(١) المعارج : ٢٠ ـ ٢٢.