الموضع الثاني عشر :
الآيات التي جاءت في سورة الشعراء ، والتي تبدأ القصّة فيه بقوله تعالى :
(وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ)(١) والتي تختم بقوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)(٢).
ويلاحظ في هذا المقطع القرآني من القصّة الامور التالية :
الأوّل : أنّ المقطع من القصّة جاء بعد عتاب من الله سبحانه لرسوله محمّد صلىاللهعليهوآله في إجهاده لنفسه وإرهاقها حتى يكاد يقتلها بسبب أنّ قومه لم يكونوا مؤمنين (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)(٣) وبعد هذا العتاب يذكر القرآن الكريم قانونا اجتماعيا يتحكم في التأريخ ، وهو : أنّ كل ذكر جديد من الله ـ سبحانه ـ يحدث ردة فعل كهذه لدى الكفار ؛ إذ يقاومونه ويعرضون عنه ، ولم يكن ذلك بسبب عجز الله سبحانه وعدم قدرته على إخضاعهم لرسالته وإرغامهم عليها (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ* وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ)(٤).
الثاني : أنّ القرآن الكريم ينبه ـ بعد هذا التفسير العام للتأريخ ـ إلى أنّ هذا
__________________
(١) الشعراء : ١٠ ـ ١١.
(٢) الشعراء : ٦٧ ـ ٦٨.
(٣) الشعراء : ٣.
(٤) الشعراء : ٤ ـ ٥.