قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ)(١) والتي تختم بقوله تعالى : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)(٢).
ويلاحظ في هذا المقطع القصير الذي يتحدّث عن القصّة بشكل عام الامور التالية :
الأوّل : أنّ القصّة جاءت في سياق التحدث عن الكافرين بالآخرة وما سوف يلاقون من عذاب ، وعن واقع نزول القرآن وتلقيه (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ* أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ* وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ)(٣).
الثاني : أنّ هذا المقطع يختم بقوله تعالى : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ.)
الثالث : أنّ المقطع على اختصاره يكاد يختص بذكر الحوادث والآيات الغيبية ، فهو يذكر المناداة ومعجزة العصا واليد ، ويشير إلى الآيات التسع.
وهذه الملاحظة تدعونا لأن نستنتج : أنّ القصّة سيقت لإظهار حقيقة من الحقائق التي ترتبط بالجانب النفسي للمجتمع الذي يواجه دعوة جديدة ، وهذه الحقيقة هي : أنّ نكران الآخرة وعدم الإيمان بها إنّما يقوم على أساس نفسي وعاطفي ، لا على أساس موضوعي ودراسة علمية ، هذا الشيء الذي عبر عنه القرآن الكريم بالجحود ؛ وذلك لأنّ الدراسة الموضوعية كانت تقتضي أن تنتهي الحالة بالناس إلى الإيمان بالآخرة بعد أن أكّدت الآيات والمعاجز ارتباط النبي بعالم
__________________
(١) النمل : ٧.
(٢) النمل : ١٤.
(٣) النمل : ٤ ـ ٦.