الغيب ، وهذه الآيات والمعاجز توفر عناصر اليقين عند الإنسان العادي الذي يعيش وضعية عاطفية مستوية ومستقيمة ، ونتيجة لذلك (وهو عدم الإيمان بالرغم من توفّر الأدلة والحجج) ينزل العذاب بالكافرين بعد أن لم يستجيبوا للحقائق والأدلة.
ولا يفوتنا أن ننبه هنا إلى نكتة دقيقة ولطيفة وشاهد يؤكّد لنا أنّ القصّة سيقت لهذا الغرض ، هو : أنّ القرآن يصوّر لنا خوف موسى من العصا بالشكل الذي يدعوه إلى الهروب ، وفي هذا تأكيد أنّ هذا التحول في حالة (العصا) كان نتيجة تدخل غيبي ؛ ولذا ترك أثره على موسى نفسه ، لا أنّه نتيجة عمل بشري قام به موسى ، ولعلّ السر في تكرار القصّة هنا هو السببان التاليان :
الأوّل : أنّ المقطع جاء في عرض قصصي مشترك لتأكيد تفسير إسلامي لموقف المنكرين للقرآن ، والدعوة على أساس عدم كفاية الآيات والمعجزات لاثباتها ، وقد عرفنا في هذا التأكيد السبب الثاني للتكرار كما سبق.
الثاني : أنّ القصّة جاءت مختصرة في تصوير الموقف ، وهذا يدعونا إلى أن نرى أنّها وردت في مرحلة متقدّمة من مراحل الدعوة حين كان يعالج القرآن مشاكلها بشكل مختصر ، وهذا ما ذكرناه سببا ثالثا للتكرار.
الموضع الرابع عشر :
الآيات التي جاءت في سورة القصص ، والتي تبدأ بقوله تعالى : (نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(١) والتي تختم بقوله تعالى :
__________________
(١) القصص : ٢.