الموضع التاسع عشر :
الآيات التي جاءت في سورة النازعات ، وهي قوله تعالى :
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى * إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً* اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى * فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى* وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى * فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى * فَكَذَّبَ وَعَصى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى * فَحَشَرَ فَنادى * فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى * فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى)(١).
وهذا المقطع القرآني من القصّة ينسجم مع السياق العام للسورة التي تتحدّث عن الحشر ، وتصوّر قدرة الله سبحانه على تحقيقه (بزجرة) واحدة ؛ لأنّ الموقف فيها ينتقل من دعوة موسى لفرعون مع ما له من القدرة الدنيوية وتكبره وتجبره وعظمته ، إلى أخذ الله ـ سبحانه ـ له نكال الآخرة والاولى ، فإنّ هذا الانتقال يصوّر لنا هذه السرعة والقدرة في الحشر والنشر ؛ ولذا نجد القرآن يرجع بعد إعطاء هذه الصورة الواقعية عن القدرة إلى الاستدلال على هذه الحقيقة بأدلة وجدانية : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها* وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها* وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها* أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها* وَالْجِبالَ أَرْساها)(٢).
__________________
(١) النازعات : ١٥ ـ ٢٥.
(٢) النازعات : ٢٧ ـ ٣٢.