حَكِيمٌ عَلِيمٌ)(١). وكذلك موقفه في الاحتجاج على قومه بعد ذلك في المرحلة الثانية من حياته ، وتكسيره الأصنام بهدف إقامة الحجّة وكاسلوب لتوضيح الحقيقة كما هو الظاهر ، ولم يكن الغرض هو مجرد الانتقام والله أعلم ، ولذلك اضطروا في البداية إلى التسليم بالحجّة ثم نكسوا على رءوسهم.
وكذلك موقفه في الاحتجاج مع الملك في موضوع ربه الله تعالى الذي عرفه بالاحياء والاماتة ، ثم بالتصرف في هذا الكون (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(٢).
د ـ الشجاعة الفائقة في المواقف والاستقامة عليها ، كما يبدو ذلك واضحا في كلّ مواقفه العامة والخاصة : في دعوته لابيه وقومه ، وفي تكسيره للأصنام ، ووقوفه في مواجهة قومه وهو واحد منفرد ، وفي صبره على الإحراق بالنار ، وفي مجادلته للملك ، وفي هجرته إلى الأرض المباركة ، وفي إسكانه لذريته في واد غير ذي زرع ، وفي بنائه البيت ، وفي إقدامه على ذبح ولده إسماعيل ، إلى غير ذلك ممّا يعبّر عن هذا البعد في شخصيته (٣).
__________________
(١) الأنعام : ٨٣.
(٢) البقرة : ٢٥٨.
(٣) لمزيد الفائدة وازن ما ذكرناه هنا عن أبعاد شخصية إبراهيم بما ذكره العلّامة الطباطبائي في الميزان ٧ : ٢١٧ ـ ٢١٨ ، وكذلك ما ورد في البحار عن كتاب الخصال للصدوق ١٢ : ٦٧ ـ ٧٠.