الأوثان والأصنام في هذه المرحلة ، حيث كان أبوه يدفع له الأصنام ؛ ليبيعها كما يبيع إخوته ، فكان يعلّق في أعناقها الخيوط ، ويجرّها على الأرض ويقول : «من يشتري ما لا يضرّه ولا ينفعه» ويغرقها في الماء والحماة ، ويقول لها : «اشربي وتكلّمي»!! فذكر إخوته ذلك لأبيه ، فنهاه ، فلم ينته ، فحسبه في منزله ولم يدعه يخرج (١).
٢ ـ مرحلة الدعوة والمواجهة :
لم يحدّد القرآن الكريم الوقت الذي خوطب به إبراهيم بالرسالة والدعوة ، كما هو الحال بالنسبة إلى موسى عليهالسلام ، ولكن يبدو ـ والله أعلم ـ أنّ الخطاب بالرسالة كان بعد فترة العزلة عن أبيه ومجتمعه ، حيث اتسم موقف إبراهيم بعدّة سمات جديدة :
أ ـ المواجة بعد المهادنة.
ب ـ البراءة من أبيه بعد الاستغفار له.
ج ـ الشدّة في التعامل مع عبادة الأصنام ، بعد أن كان الموقف السابق يتصف بالاحتجاج الكلامي اللين ، أو السخرية الفردية الخاصة.
وهذا التطور في الموقف يعبّر عن وضع جديد يتسم بالمسئولية الكبيرة وتحمل الأعباء والأخطار ، وهو ينسجم مع افتراض توجه الخطاب الإلهي له بالنبوّة والرسالة.
ويبدو ذلك واضحا من خلال المقارنة بين ما ورد في سورة الأنعام ومريم ، مع ما ورد في سورة الأنبياء والشعراء والعنكبوت والصافات.
__________________
(١) تفسير القمي : ١٩٥.