__________________
إبراهيم (ع) أن يحجّ ويحجّ إسماعيل معه ، ويسكنه الحرم ، فحجّا على جمل أحمر ، وما معهما إلّا جبرئيل (ع) ، فلمّا بلغا الحرم قال له جبرئيل : يا إبراهيم انزلا فاغتسلا قبل أن تدخلا الحرم ، فنزلا فاغتسلا ، وأراهما كيف يتهيّئان للإحرام ففعلا ، ثمّ أمرهما ، فأهلا بالحج ، وأمرهما بالتلبيات الأربع التي لبّى بها المرسلون ، ثمّ صار بهما إلى الصفا ، فنزلا وقام جبرئيل بينهما ، واستقبل البيت ، فكبّر الله ، وكبّرا ، وهلّل الله وهلّلا ، وحمد الله وحمدا ، ومجّد الله ومجّدا ، وأثنى عليه وفعلا مثل ذلك ، وتقدم جبرئيل وتقدما يثنيان على الله عزوجل ويمجّدانه حتى انتهى بهما إلى موضع الحجر ، فاستلم جبرئيل الحجر وأمرهما أن يستلما ، وطاف بهما أسبوعا ، ثم قام بهما في موضع مقام إبراهيم (ع) ، فصلّى ركعتين ، وصلّيا ، ثم أراهما المناسك وما يعملان به ، فلمّا قضيا مناسكهما أمر الله إبراهيم (ع) بالانصراف ، وأقام إسماعيل وحده ما معه أحد غير امّه ، فلمّا كان من قابل أذن الله لإبراهيم في الحجّ وبناء الكعبة ، وكانت العرب تحجّ إليه ، وإنّما كان ردما إلّا أن قواعده معروفة ، فلمّا صدر الناس جمع إسماعيل الحجارة ، وطرحها في جوف الكعبة ، فلمّا أذن الله له في البناء قدم إبراهيم (ع) فقال : يا بنيّ قد أمرنا الله ببناء الكعبة ، وكشفا عنها ، فإذا هو حجر واحد أحمر ، فأوحى الله ـ عزوجل ـ إليه ضع بناءها عليه ، وأنزل الله ـ عزوجل ـ أربعة أملاك يجمعون إليه الحجارة ، فكان إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام يضعان الحجارة ، والملائكة تناولهما حتى تمّت اثنى عشر ذراعا ، وهيّئا له بابين : بابا يدخل منه ، وبابا يخرج منه ، ووضعا عليه عتبا وشرحا من حديد على أبوابه ، وكانت الكعبة عريانة ، فصدر إبراهيم ، وقد سوى البيت ، وأقام إسماعيل ...
وكانت الكعبة ليست بمسقّفة ، فوضع إسماعيل فيها أعمدة ، مثل هذه الأعمدة التي ترون من خشب ، وسقّفها إسماعيل بالجرائد ، وسوّاها بالطين ، فجاءت العرب من الحول ، فدخلوا الكعبة ، ورأوا عمارتها ، فقالوا : ينبغي لعامل هذا البيت أن يزاد ، فلمّا كان من قابل جاءه الهدي ، فلم يدري إسماعيل كيف يصنع ، فأوحى الله ـ عزوجل ـ إليه أن انحره ، وأطعمه