وقد ورد في بيان هذا النداء في رواية معتبرة عن الإمام الصادق عليهالسلام ، رواها الصدوق في العلل : ابي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لمّا أمر الله ـ عزوجل ـ إبراهيم وإسماعيل ببنيان البيت وتمّ بناؤه ، أمره أن يصعد ركنا ثم ينادي في الناس : ألا هلمّ الحجّ ، فلو نادى هلمّوا إلى الحج لم يحجّ إلّا من كان ـ يومئذ ـ إنسيا مخلوقا ، ولكن نادى هلمّ الحجّ ، فلبّى الناس في أصلاب الرجال : لبّيك داعي الله لبّيك داعي الله ، فمن لبّى عشرا حجّ عشرا ، ومن لبّى خمسا حجّ خمسا ، ومن لبّى أكثر فبعدد ذلك ، ومن لبّى واحدا حجّ واحدا ، ومن لم يلبّ لم يحجّ».
خصائص المرحلة الرابعة :
١ ـ بناء وتأسيس مراكز العبادة لله تعالى ، بحيث تتحوّل من مركز خاص للتعبد ، ـ كما هو الشأن في بعض الأماكن التي كان يتخذها العابدون لعبادتهم من الكهوف ، أو رءوس الجبال ، أو الخلوة بالله تعالى ـ إلى مراكز عامة يتعبد بها الناس بشكل جماعي لله تعالى ، بصورة تصبح شعيرة من شعائر الدين.
وقد كان بناء البيت الحرام هو ابرز مظاهر هذه السنة الإلهيّة ، كما يفهم من القرآن الكريم :
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ* فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)(١).
وتشير نصوص التوراة وبعض النصوص التاريخية إلى أنّ إبراهيم عليهالسلام كان
__________________
(١) آل عمران : ٩٦ ـ ٩٧.