٥ ـ وكانت الخطوة الثالثة في تأسيس هذه الملة الجديدة هي : بناء البيت وإحياء هذا الأثر الديني التأريخي ، بعد أن دلّه الله ـ تعالى ـ على موضع بنائه ، وجعله بيتا طاهرا من الدنس يعبد الله ـ تعالى ـ فيه وحده ، ويتخذه المتعبدون مكانا للطواف والاعتكاف به والصلاة فيه ، والتي تتمثل بالركوع والسجود ، وهي صلاة تجمع كلّ أشكال الخضوع والعبادة مع الطهارة والتوحيد لله تعالى.
(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)(١).
(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(٢).
٦ ـ وكانت الخطوة الرابعة هي : الأذان في الناس بالحج الذي كان يعبّر عن أوسع نداء يوجهه إبراهيم عليهالسلام في دعوته ورسالته على الإطلاق ، كما يشير إليه القرآن الكريم ، وتنص عليه الروايات بشكل واضح :
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)(٣).
__________________
(١) البقرة : ١٢٥.
(٢) البقرة : ١٢٧ ، يمكن أن نفهم التسلسل بين اتخاذ البلد آمنا وبناء البيت من هذه الآية والآية التي قبلها التي ذكرناها في الفقرة السابقة ؛ إذ تشرحان الآية ١٢٥ السابقة ، وكذلك من آيات سورة إبراهيم المتقدّمة والتي تشرح الهدف من ذلك.
(٣) الحج : ٢٧.