الواقعية ، والصدق ، والحكمة ، والأخلاقية ، كما سوف نشير إلى ذلك إن شاء الله.
أ ـ الواقعية ، بمعنى ذكر الأحداث والقضايا والصور في القصص القرآني التي لها علاقة بواقع الحياة الإنسانية ومتطلباتها المعاشة في مسيرة التاريخ الإنساني ، مقابل أن تكون القصّة إثارة وتعبيرا عن الصور ، أو الخيالات ، أو الأماني ، أو الرغبات التي يطمح إليها الإنسان ، أو يتمناها في حياته ؛ ذلك لأنّ القرآن الكريم يريد من ذكر القصّة وأحداثها إعادة قراءة التأريخ الإنساني والقضايا الواقعية السالفة ، الذي عاشته الامم والرسالات الإلهيّة السابقة ، ومتابعة هذه القراءة في الحاضر المعاش من قبل الإنسان للاستفادة منها والاعتبار بها في حياته وحركته ومواقفه وتطلعاته نحو المستقبل والكمالات الإلهيّة.
فاذا انفصلت القصّة عن هذا الواقع فلا يمكن للإنسان أن يستفيد منها للحاضر والمستقبل ؛ لأنّها تصبح مجرد صور وفرضيات قد تنسجم مع واقعه الفعلي ، وربّما لا تنسجم ، ولذا ربّما لا يشعر بها ، ولا يصدّق بها نفسيا وروحيا.
والإنسان ـ في مسيرته التكاملية ـ بحاجة إلى أن ينطلق من (الواقع) نحو الطموحات والكمالات ، وبدون ذلك سوف ينفصل هذا الإنسان عن واقعه ، فيضيع في متاهات الآمال والتمنيات ، وقد عبّر القرآن الكريم عن هذه الحالة في الإنسان عند ما تحدّث عن اليهود من أهل الكتاب بقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ)(١).
وعندئذ لا يصل الإنسان إلى أهدافه في النهاية ؛ لأنّ من لا ينطلق من البداية
__________________
(١) البقرة : ٧٨.