السياسي للرسالات الاخرى ، كما أنّها ليست عملا إصلاحيا في إطار تلك الرسالات ، بل هي من جانب مصدقة لها ؛ لأنّها تمثل امتدادا للرسالات الالهية في التأريخ البشري ، ولكنّها من جانب آخر وفي الوقت نفسه مهيمنة عليها أو مستقلة عنها.
قال تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)(١).
ويتضح ذلك بشكل أفضل بملاحظة سياق الآيات السابقة عليها ، والتي يشير فيها القرآن الكريم إلى نزول التوراة والإنجيل والنسبة بينهما ، والتي تختلف عن نسبة القرآن إليهما.
وحديث القرآن عن عيسى عليهالسلام يأتي لإزالة ما علق في أذهان الجماعة التي نزل فيها القرآن من أفكار وتصورات منحرفة عن الأنبياء تتنافى مع عصمتهم أو علاقتهم بالله أو طبيعة شخصيتهم ، من هنا تحدّث القرآن الكريم عن شخصيته وظروفها أكثر ممّا تحدّث عن أعماله ونشاطاته. وهذا يمثل غرضا وهدفا آخر بالاضافة إلى الأغراض السابقة التي أشرنا إليها في الفصل السابق.
قال تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ* فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَ
__________________
(١) المائدة : ٤٨.