الإسلامية والقرآن الكريم في موطن نزوله ، وبالمجتمع الذي يعمل على تغييره موجودة في كلّ هذه الامور المرتبطة بهذين النبيين العظيمين ؛ لأنّ القرآن كان يعايش ويتفاعل باستمرار مع أهل الكتاب وعلمائهم وأقوامهم ، وكان بحاجة إلى هذا التفصيل ، والحديث ـ أحيانا ـ حتى عن الحياة الشخصية لموسى عليهالسلام ؛ لما في ذلك من التأثير في أوساطهم.
٥ ـ إنّ العرب المشركين كانوا ينظرون إلى علماء اليهود ـ الذين يتصلون بهم أحيانا ـ أنّهم أهل الذكر والكتاب والوحي الإلهي والمعرفة بالرسالات الإلهية ، كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك :
قال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١).
وقال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً)(٢).
ولا شك أنّ القرآن يكون أكثر تأثيرا في هذه الأوساط ـ أيضا ـ عند ما يتحدّث عن النبي موسى عليهالسلام حديث العارف بكلّ الخصوصيات والامور بحيث يفوق كتب العهدين بذلك.
٦ ـ القرآن يسعى جادا لإعطاء فكرة أنّ هذه الرسالات إنّما تمثل امتدادا واحدا في الوحي الالهي وانتسابا واحدا إلى السماء ، في الوقت نفسه يؤكّد استقلالية الرسالة الاسلامية ، بمعنى : أنّها ليست تابعة ومتشعبة عن التحرك الرسالي أو
__________________
(١) النحل : ٤٣.
(٢) النساء : ٥١.