(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً)(١).
وعرض الموقف الثالث يبدأ بقوله تعالى :
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ ...)(٢).
ثانيا : أنّ المقطع يتناول بعض الأحداث ذات الدلالة على نبوّة موسى عليهالسلام ، والمواثيق الغليظة المأخوذة على اليهود بصدد الامتثال والطاعة ، وموقف اليهود من ذلك والمخالفات التي ارتكبوها ، سواء فيما يتعلق بالجانب العقيدي من الفكرة أو بالجانب العملي التطبيقي منها.
وعلى أساس هاتين الملاحظتين يمكن أن نستنتج :
أنّ هذا المقطع من القصّة جاء ليوضح أنّ موقف اليهود من الدعوة بطلبهم المزيد من الآيات والبينات ليس نابعا من الشك بالرسالة ، وإنّما هو موقف شكلي ذرائعي يستبطن الجحود والطغيان ؛ ولذا نجد المقطع يكتفي بعرض هذا الطلب العجيب الذي تقدّم به اليهود الى موسى عليهالسلام ، ويضيف إلى ذلك المواثيق التي اخذت منهم في الطاعة ونكولهم عنها بمخالفاتهم العديدة ، الأمر الذي يكشف عن إصرارهم على الجحود والطغيان وأنّهم يتذرعون بمثل هذه المطالب.
وقد فرض السياق العام للسورة الكريمة تكرار القصّة على أساس إيضاح
__________________
(١) النساء : ١٥٠.
(٢) النساء : ١٧١.