ومعالجة موقف اليهود من الدعوة إلى جانب إيضاح ومعالجة موقف المنافقين والنصارى من أهل الكتاب ؛ لأنّ هذه المواقف هي المواقف الرئيسة التي كانت تواجهها الدعوة الإسلامية حينذاك.
الموضع الثالث :
الآيات التي جاءت في سورة المائدة ، وهي قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ* يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) إلى قوله تعالى : (قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ)(١).
ويلاحظ في هذا المقطع :
أوّلا : أنّه جاء في سياق دعوة عامّة لأهل الكتاب إلى الإيمان بالرسول الجديد ، مع إيضاح حقيقة رسالته ، ومناقشة ما يقوله اليهود والنصارى ، وإقامة الحجّة عليهم بذلك ؛ إذ يختم هذا السياق بقوله تعالى :
(يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٢).
ثانيا : أنّ المقطع يكتفي بأن يذكر دعوة موسى لقومه إلى دخول الأرض المقدسة ؛ لأنّ دخولها كان منتهى آمالهم ، ولكنّهم يأبون ذلك ، فيكون مصيرهم التيه أربعين سنة.
__________________
(١) المائدة : ٢٠ ـ ٢٦.
(٢) المائدة : ١٩.