للأرض) ، وأنّ الرحمة لا تنال إلّا الذين اتقوا ، وآتوا الزكاة ، وآمنوا بآيات الله ، واتّبعوا الرسول الامّي الذي يجدونه مكتوبا عندهم.
وعلى أساس هذه الملاحظة يمكن أن نستنتج :
أنّ القصّة جاءت منسجمة مع السياق العام للعرض القصصي ، ومحقّقة لأغراضه على ما أشرنا إليه في حديثنا عن أغراض القصّة ، ومع ذلك فإنّها لا تغفل الفرصة المناسبة لتأكيد المفاهيم الإسلامية العامّة منسجمة مع الهدف القرآني العام في التربية.
كما أنّها تؤكّد بصورة خاصة نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، وكأنّها سيقت بتفاصيلها لتحقيق ربط هذه الدعوات والرسالات بهذه النهاية الخاتمة لها ، وأنّ هذه المفاهيم والسنن والأهداف التي عاشتها هذه الرسالات سوف تتحقّق في نهاية المطاف في اتّباع رسالة الإسلام : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ ...)(١).
على أنّ هناك شيئا تجدر الإشارة إليه ، وهو : أنّ القرآن الكريم يهتم عادة بتفصيل قصص الرسل الذين هم من اولي العزم : كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهمالسلام ؛ ذلك لأغراض متعدّدة (٢) يمكن أن يكون من جملتها :
أ ـ أنّ هؤلاء الأنبياء يمثلون مراحل مختلفة لرسالة السماء ، وأنّهم مع صلة
__________________
(١) الأعراف : ١٥٧.
(٢) تحدّثنا عن هذا الموضوع بشيء من التفصيل في بداية هذا الفصل.