الثاني : أنّ هذا العرض القصصي العام يأتي في سياق بيان القرآن الكريم لحقيقة حشر المخلوقات وصورته ، وأنّهم يحشرون امما بكاملهم من الجن والانس ، وعلى صعيد واحد يتلاعبون بينهم ، أو يتحابون : (قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ.)(١)
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ* وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٢). ثمّ يعرض القرآن الكريم مشاهد متعدّدة من هذا الحشر ، وبعض العلاقات التي تسود الناس فيه ، وأنّه تصديق لدعوة الرسل وما بشروا وانذروا منه.
الثالث : أنّ القصّة على ما جاء فيها من التفصيل واستعراض للحوادث تبدأ في سرد الوقائع من حين بدء البعثة والدعوة ، كما أنّها تذكر الوقائع في حدود المجابهة ـ التي كان يواجهها الرسول ـ الخارجية مع فرعون وملئه ، والداخلية مع بني إسرائيل وفي إطار بيان ما ينزل بالمكذبين والمنحرفين من عذاب وعقاب واضرار.
الرابع : أنّ القصّة تتناول في معرض حديثها عن الحوادث جوانب من المفاهيم الإسلامية العامّة والسنن التأريخية ، كتأكيد أهمية (الصبر) ، و (وراثة المتقين
__________________
(١) الأعراف : ٣٨.
(٢) الأعراف : ٤٢ ـ ٤٣.