الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ... (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ* مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ)(١).
ثانيا : أنّ هذا المقطع من القصّة جاء بعد إشارة قصيرة إلى نبأ نوح وقومه ، تتبعها لمحة عامّة عن الرسل من بعد نوح وموقف قومهم منهم.
ثالثا : أنّ المقطع لا يتناول من التفاصيل إلّا القدر الذي يرتبط بموقف فرعون وملئه من موسى والمصير الذي لاقاه هؤلاء ؛ نتيجة لإعراضهم عن الدعوة وتكذيبهم بها ، كما أنّه يشير إلى نهاية بني إسرائيل الطيبة بعد معاناتهم الطويلة في المجتمع الفرعوني.
وبعد هذه الملاحظة يمكن أن نستنتج :
أنّ القصّة إنّما جاءت هنا من أجل تصديق (الحقيقة) التي ذكرها القرآن الكريم في مقارنته بين الذين آمنوا والذين يفترون على الله الكذب.
كما أنّ السياق العام هو الذي فرض مجيء القصّة بشيء من التفصيل ؛ لأنّ قصّة موسى تمثل بتفاصيلها الانقسام بين جماعتين : إحداهما مؤمنة به ، والاخرى كافرة بدعوته ، حيث يقع الصراع بينهما ، وينتهي بغلبة المؤمنين على الكافرين ، بخلاف قصص الأنبياء الآخرين ، فإنّها تعرض في القرآن الكريم على أساس أنّ النبي لم يؤمن به إلّا النزر اليسير من الناس ، ولذلك ينزل العذاب بقومه بشكل عام ، فهذه القصص تمثل جانبا واحدا من المقارنة ، وهو : جانب المصير الذي يواجهه المكذبون والمنحرفون ، بخلاف قصّة موسى فإنّها تمثل الجانبين معا : جانب المؤمنين
__________________
(١) يونس : ٦٣ ـ ٧٠.