وجانب المكذبين ، ومن هنا يمكن أن نفسر مجيء قصّة نوح في هذا الموضع مختصرة مع الإشارة العامّة لموقف بقية الأنبياء.
إضافة إلى أنّ نوحا عليهالسلام يمثل بداية الأنبياء الذي لاقى قومهم العذاب في قصص القرآن ، وموسى عليهالسلام يمثل نهايتهم وختامهم.
ويؤكّد هذا التفسير لسياق القصّة ما أشرنا إليه في الملاحظة الثالثة : من أنّ التفاصيل التي تناولها المقطع انحصرت في بيان التزام بني إسرائيل الحق ، دون أن تتعرض الى الجوانب الاخرى لموقفهم ، والتي تمثل الانحراف والعصيان لأوامر موسى عليهالسلام ، وهذا الالتزام يكاد يشعرنا أنّ القصّة سيقت لإبراز صدق هذه المقارنة في التأريخ الإنساني ، والتي كانت تتحكم في المواجهة التي يلاقيها الأنبياء.
ومن الممكن أن نلاحظ في تكرار القصّة بهذا المقطع ملامح السبب الرابع من أسباب التكرار التي ذكرناها سابقا ؛ لأنّ طريقة عرض القصّة في هذا المقطع حققت غرضا معينا ما كان يحصل لو عرضت القصّة بجميع تفاصيلها كما أشرنا.
الموضع السادس :
الآيات التي جاءت في سورة هود ، وهي قوله تعالى :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ* إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ* يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ* وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ)(١).
ويلاحظ في هذا المقطع القرآني من القصّة ما يلي :
__________________
(١) هود : ٩٦ ـ ٩٩.