أوّلا : أنّه جاء في عرض قصصي عام يبدأ بنوح عليهالسلام ويختم بهذه اللمحة عن قصّة موسى عليهالسلام.
ثانيا : أنّ هذا العرض العام جاء في سياق الحديث عن مكذّبي الرسول صلىاللهعليهوآله ، وما يجب أن يكون الموقف العام منهم ، والمصير الذي ينتظرهم في الآخرة ، كما أنّه يختم العرض بما يشبه بيان الغاية منه ، وهو قوله تعالى : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ* وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ* وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)(١).
ثالثا : أنّ المقطع جاء لمحة عابرة عن القصّة ونهايتها على خلاف قصص الأنبياء الآخرين التي جاءت في شيء من التفصيل.
ومن هنا يمكن أن نستنتج : أنّ الإتيان بهذا المقطع من القصّة كان من أجل إكمال الصورة التي بدأها بنوح عليهالسلام ، وأراد القرآن الكريم أن يختمها بموسى عليهالسلام ؛ ليظهر بذلك الارتباط الوثيق بين اسلوب الأنبياء في الدعوة إلى الله وجهودهم في سبيل هذه الغاية والمواجهة التي كانوا يلاقونها من اممهم وأقوامهم ، والنتيجة الحاسمة التي كان ينتهي إليها مصير هذه الامم من العذاب الشديد والعقاب القاسي.
الموضع السابع :
الآيات التي جاءت في سورة إبراهيم ، وهي قوله تعالى :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ
__________________
(١) هود : ١٠٠ ـ ١٠٢.