والمشاكل الاجتماعية والسياسية والإنسانية المثيرة التي تستقطب اهتمام الامة ونظرتها ومشاعرها ، فيكون تأكيدها اسلوبا ولسانا لالفات نظر الامة إلى الدعوة وقيمتها الروحية والاجتماعية ، ولذا جاءت قصّة موسى مثالا لهذه الحقيقة ؛ لأنّه دعا لإنقاذ قومه من مشكلة اجتماعية عامّة كانوا يعانونها.
ولعل ما يؤكّد هذا القصد هو : أنّ العرض جاء بلسان الخطاب إلى القوم لا بلسان الحديث عن القضايا والأحداث.
ولما كانت الغاية الحقيقية من إرسال الرسل هي : هداية الناس وإرشادهم ؛ لذلك نجد القرآن الكريم ـ بعد هذه الإشارة إلى قصّة موسى وتصديق الحقيقة ـ يعود فيتحدّث عن المفاهيم العامّة التي كان يطرحها الرسل على أساس أنّها الشيء المطلوب من الناس التصديق به ، دون أن يكون للاسلوب المعين المتبع في تحقيق هذا الهدف أهمية ذاتية خاصة.
الموضع الثامن :
الآيات التي جاءت في سورة الإسراء ، وهي قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً* قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً* فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً* وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً)(١).
__________________
(١) الاسراء : ١٠١ ـ ١٠٤.