العدل والمصلحة ، الأمر الذي يثير استغراب موسى إلى الحدّ الذي يجعله يتخلى عن التزامه السابق بعدم السؤال ، ثمّ يشرح العبد الصالح هذه الأعمال ، ويبين مدى انسجامها مع العدل والمصلحة العامّة.
فالسياق العام للسورة هو الذي فرض الإتيان بالقصّة في هذا المورد ، ولا حاجة إلى تكراره في مواضع اخرى مستقلا أو في سرد الحوادث ؛ لأنّه لا يحقّق الغرض الذي جيء به في هذا المورد.
الموضع العاشر :
الآيات التي جاءت في سورة مريم ، وهي قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا* وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا* وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا)(١).
وقد جاءت هذه اللمحة من القصّة في عرض قصصي مشترك عن الأنبياء ، وذلك بصدد تعداد من أنعم الله عليهم من عباده وأنبيائه ، ومقارنتهم بمن خلف بعدهم ممّن أضاع الصلاة واتّبع الشهوات : (أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا* فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)(٢).
فالسياق العام هو الذي فرض مجيء هذه القصّة بهذا الشكل من العرض
__________________
(١) مريم : ٥١ ـ ٥٣.
(٢) مريم : ٥٨ ـ ٥٩.