أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (٨٥))
(أَطَّلَعَ الْغَيْبَ) ، قال ابن عباس : انظر في اللوح المحفوظ. وقال مجاهد : أعلم [علم](١) الغيب حتى يعلم أفي الجنة هو أم لا؟ (أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) ، يعني قال لا إله إلا الله. وقال قتادة : يعني عمل عملا صالحا قدمه. وقال الكلبي : عهد إليه أن يدخل الجنة.
(كَلَّا) ، ردّ عليه يعني لم يفعل ذلك ، (سَنَكْتُبُ) ، سنحفظ عليه ، (ما يَقُولُ) ، فنجازيه به في الآخرة. وقيل : نأمر الملائكة حتى يكتبوا ما يقول. (وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا) ، أي نزيده عذابا فوق العذاب. وقيل : نطيل مدة عذابه.
(وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ) ، أي ما عنده من المال والولد بإهلاكنا إيّاه وإبطال ملكه وقوله ما يقول لأنه زعم أن له مالا وولدا في الآخرة ، أي لا يعطيه ويعطي غيره فيكون الإرث راجعا إلى ما تحت القول لا إلى نفس القول. وقيل : معنى قوله : (وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ) أي : نحفظ ما يقول حتى نجازيه به ، (وَيَأْتِينا فَرْداً) ، يوم القيامة بلا مال ولا ولد.
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً) يعني مشركي قريش اتخذوا الأصنام آلهة يعبدونها ، (لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) ، أي منعة ، يعني يكونون لهم شفعاء يمنعونهم من العذاب.
(كَلَّا) ، أي ليس الأمر كما زعموا ، (سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ) ، أي يجحد الأصنام والآلهة التي كانوا يعبدونها عبادة المشركين ويتبرءون منهم ، كما أخبر الله تعالى [عنهم](٢) (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) [القصص : ٦٣] ، (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) ، أي أعداء لهم ، وكانوا أولياءهم في الدنيا. وقيل : أعوانا عليهم يكذبونهم ويلعنونهم.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ) ، أي سلطناهم عليهم وذلك حين قال لإبليس : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) [الإسراء : ٦٤] ، الآية ، (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) ، تزعجهم إزعاجا من الطاعة إلى المعصية ، والأزّ والهزّ التحريك أي تحركهم وتحثهم على المعاصي.
(فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ) ، أي لا [تعجل بطلب](٣) عقوبتهم ، (إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) ، قال الكلبي : يعني الليالي والأيام والشهور والأعوام. وقيل : الأنفاس التي يتنفسون بها في الدنيا إلى الأجل الذي أجل لعذابهم.
قوله : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) (٨٥) أي اذكر لهم يا محمد اليوم الذي يجتمع فيه من اتقى الله في الدنيا بطاعته إلى الرحمن ، أي إلى جنته وفدا أي جماعات جمع وافد ، مثل راكب وركب ، وصاحب وصحب. وقال ابن عباس : ركبانا. وقال أبو هريرة : على الإبل.
وقال علي بن أبي طالب : ما يحشرون والله على أرجلهم ولكن على نوق رحالها الذهب ونجائب سرجها يواقيت إن هموا بها سارت وإن هموا بها طارت.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «تطلب» بدل المثبت.