(وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦) لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٨٧) وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١))
(وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ) ، الكافرين الكاذبين ، (إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) ، أي : مشاة. وقيل : عطاشا قد تقطعت أعناقهم من العطش. والورد جماعة يردون الماء ولا يرد أحد الماء إلا بعد العطش.
(لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) (٨٧) ، يعني : لا إله إلا الله. وقيل : معناه لا يشفع الشافعون لمن اتخذ عند الرحمن عهدا يعني المؤمنين ، كقوله : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) [الأنبياء : ٢٨] ، وقيل : لا يشفع إلا من شهد أن لا إله إلا الله أي لا يشفع إلا المؤمن.
(وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) (٨٨) ، يعني اليهود والنصارى ، ومن زعم أن الملائكة بنات الله ، وقرأ حمزة والكسائي «ولدا» بضم الواو وسكون اللام هاهنا وفي الزخرف [٨١] وسورة نوح [٢٧] ، ووافق ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب في سورة نوح ، [والباقون بفتح الواو واللام](١) ، وهما لغتان مثل العرب والعرب والعجم والعجم.
(لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا) (٨٩) ، قال ابن عباس منكرا. وقال قتادة ومجاهد : عظيما. وقال مقاتل : لقد قلتم قولا عظيما. والإدّ في كلام العرب أعظم الدواهي.
(تَكادُ السَّماواتُ) ، قرأ نافع والكسائي يكاد بالياء هاهنا وفي (حم (١) عسق) (٢) [الشورى : ١ ـ ٢] لتقدم الفعل ، وقرأ الباقون بالتاء لتأنيث السموات ، (يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) ، هاهنا وفي (حم عسق) بالنون من الانفطار [قرأ](٢) أبو عمرو وأبو بكر ويعقوب (٣) وافق ابن عامر وحمزة هاهنا لقوله تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) (١) [الانفطار : ١] و (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ) [المزمل : ١٨] ، وقرأ الباقون بالتاء من التفطر ومعناهما واحد ، يقال : انفطر الشيء وتفطر أي تشقق. (وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ) ، أي : تنكسر كسرا. وقيل : تنشق الأرض أي تنخسف بهم ، والانفطار في السماء أن تسقط عليهم (وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) أي تنطبق عليهم.
(أَنْ دَعَوْا) ، أي من أجل أن جعلوا (لِلرَّحْمنِ وَلَداً) ، قال ابن عباس وكعب : فزعت السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين ، وكادت أن تزول وغضبت الملائكة واستعرت جهنم حين قالوا : اتخذ الله ولدا ، ثم نفى الله عن نفسه الولد فقال :
(وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨))
__________________
(١) عبارة المخطوط «وقرأ أبو عمرو بفتح الواو واللام».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيد في المخطوط «بالياء».