المؤمنين أن يغطين رءوسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينا واحدة ليعلم أنهن حرائر ، (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ) ، أنهن حرائر ، (فَلا يُؤْذَيْنَ) ، فلا يتعرض لهن ، (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) ، قال أنس : مرت بعمر بن الخطاب جارية متقنعة فعلاها بالدرة ، وقال : يا لكاع أتتشبهين بالحرائر ، ألقي القناع.
قوله عزوجل : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ) ، عن نفاقهم ، (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) ، فجور ، يعني الزناة (١) ، (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) ، بالكذب.
وذلك أن ناسا منهم كانوا إذا خرجت سرايا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوقعون في الناس الرعب وإذا التحم القتال ولوا وانهزموا ، ويقولون قد أتاكم العدو ونحوها.
وقال الكلبي : كانوا يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ويفشون الأخبار (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) ، لنحرشنّك بهم ولنسلطنّك عليهم ، (ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها) ، لا يساكنوك في المدينة (إِلَّا قَلِيلاً) ، حتى يخرجوا منها ، وقيل : لنسلطنك عليهم حتى تقتلهم وتخلي منهم المدينة.
(مَلْعُونِينَ) ، مطرودين ، نصب على الحال ، (أَيْنَما ثُقِفُوا) ، وجدوا وأدركوا ، (أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) ، أي الحكم فيهم هذا على جهة الأمر به.
(سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٦٢) يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣) إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦) وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧))
(سُنَّةَ اللهِ) ، أي كسنة الله ، (فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) ، من المنافقين والذين فعلوا مثل [ما فعل](٢) هؤلاء ، (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً).
قوله تعالى : (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ) ، أي : أيّ شيء يعلمك أمر الساعة ، ومتى يكون قيامها أي أنت لا تعرفه ، (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً).
(إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) ، ظهرا لبطن حين يسحبون عليها ، (يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) ، في الدنيا.
(وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا).
قرأ أبو عامر ويعقوب ساداتنا بكسر التاء وألف قبلها على جمع الجمع ، وقرأ الآخرون بفتح التاء بلا ألف قبلها ، (وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا).
(رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (٦٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً (٦٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧١) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (٧٢))
__________________
(١) في المطبوع «الزنا».
(٢) زيادة عن المخطوط.