.................................................................................................
______________________________________________________
لحرمة إعانة المتجرّي ، بتقريب أنّ الإعانة وإن كانت ظاهرة في إيجاد بعض مقدّمات فعل الغير فلا تشمل ما نحن فيه ، إلّا أن أدلّة حرمة الإعانة إذا شملت إيجاد بعض مقدّمات فعل الغير الذي اعتقد حرمته مع عدم حرمته في الواقع ، فشمولها لما نحن فيه من إعانة نفسه على ما اعتقد حرمته بطريق أولى.
ولكنّه ضعيف ، إذ ظاهر الآية حرمة الإعانة على الإثم الواقعي دون الاعتقادي. وظاهر الفقهاء أيضا ذلك. وقد تقدّم أيضا ضعف دلالة الأخبار الدالّة على ترتّب العقاب على نيّة المعصية ، فتبقى الأخبار الدالّة على العفو حينئذ سليمة عن المعارض.
وممّا ذكرناه يظهر ضعف الاستدلال أيضا على المقام بحرمة الإعانة من باب تنقيح المناط كما نقله المصنّف رحمهالله. وهو واضح. ثمّ إنّه يمكن التفصيل في المسألة بين ما لو ثبت التكليف في الواقع وحصل التجرّي في كيفيّة امتثاله ، كما لو ظنّ ضيق الوقت فأخّر الصلاة فتبيّن بقاء الوقت ، أو ارتكب بعض أطراف الشبهة المحصورة ، ثمّ ظهر عدم مصادفته للحرام الواقعي المشتبه ، فإنّ التكليف بالظهرين في الأوّل وبالاجتناب عن النجس المشتبه بين امور محصورة ثابت في الواقع ، إلّا أنّ التجرّي بمخالفة المظنون أو المحتمل وقع في طريق امتثاله. وبين ما لو كان طريق ثبوت التكليف هو القطع غير المصادف للواقع ، كما لو اعتقد الخلّ خمرا فشربه أو اعتقد وجوب فعل مباح فتركه ، وذلك بأن يقال في الأوّل : إنّ القطع وكذلك الظنّ مع فقده في مسألة ظنّ ضيق الوقت طريق شرعيّ يعدّ العبد مع مخالفتهما عاصيا محضا وإن لم يصادف قطعه أو ظنّه للواقع ، لبناء العقلاء على ذلك.
وكذلك الاحتياط في موارد الشبهة المحصورة مأمور به شرعا توجب مخالفته العقاب وإن لم يحصل القطع بمخالفة الواقع. وفي الثاني : إنّ اعتبار القطع فيه عندهم ليس إلّا لمجرّد الطريقيّة إلى الواقع ، فيجري فيه حكم التجرّي عند عدم مصادفة الواقع.