.................................................................................................
______________________________________________________
وبالجملة ، إنّ الوجوه المحتملة في كلماتهم أربعة ، أظهرها بالنسبة إلى كلام الأمين الأسترآبادي هو الوجه الأوّل من الوجهين اللذين ذكرناهما ، ثمّ الوجه الأوّل من الوجهين اللذين ذكرهما المصنّف. نعم ، الأظهر بالنسبة إلى كلام المحدّث الجزائري هو الوجه الأوّل ممّا ذكره المصنّف.
وكيف كان ، يرد على الوجه الأوّل ممّا ذكره المصنّف رحمهالله ما أورده المصنّف عليه أوّلا : من عدم معقوليّته ، لاستلزامه التناقض كما أوضحناه في غير موضع. وثانيا : من النقض بأنّه لو أمكن الحكم بعدم اعتباره لجرى مثله في القطع الحاصل من المقدّمات الشرعيّة طابق النعل بالنعل. وحاصله : أنّ القطع لو كان قابلا للمنع الشرعيّ ، بأنّ كان كالظنّ محتاجا إلى إقامة برهان قطعي على جواز العمل به ، لكان القطع الحاصل من المقدّمات الشرعيّة أيضا محتاجا إليه ، لكونه من جملة أفراد القطع ، ولا ريب أنّ غاية ما يدلّ عليه قطع آخر مثله ، فحينئذ ننقل الكلام إلى هذا القطع ، وهكذا فيتسلسل.
ومن هنا يظهر أنّ ما يمكن أن يورد على المصنّف رحمهالله من أنّ من فرّق بين القطعين يدّعي الدليل القطعي على اعتبار القطع الحاصل من المقدّمات الشرعيّة من الأخبار المتواترة وغيرها ، فمجرّد إمكان عدم اعتبار القطع الحاصل من المقدّمات الشّرعيّة لا يرد نقضا عليه ، غير مجد في دفع ما أورده. اللهمّ إلّا أن يدّعي أنّ اعتبار القطع الحاصل من المقدّمات الشرعيّة من ضروريّات الدين ، أو من البديهيّات الأوّلية ، أو ممّا يحكم العقل الفطري السالم من الشبهات باعتباره. والأوّل مستثنى في كلام المحدّث الأسترآبادي ، والثاني في كلام المحدّث الجزائري ، والثالث في كلام المحدّث البحراني.
ويرد على الوجه الثاني ممّا ذكره ـ أعني : إرادة عدم جواز الدخول في المقدّمات العقليّة لتحصيل القطع بالمطالب الشرعيّة ، وإن لم يجز النهي عنه بعد حصوله ، كما وقع النهي عن الخوض في مسائل القدر تحذيرا عن الوقوع في موارد