والمستفاد من كلامه : عدم حجّية إدراكات العقل في غير المحسوسات وما تكون مبادئه قريبة من الإحساس إذا لم يتوافق عليه العقول. وقد استحسن ما ذكره غير واحد ممّن تأخّر عنه ، منهم السيّد المحدّث (٦٧) الجزائري قدسسره ـ في أوائل
______________________________________________________
ذلك الجوهر المتّصل في ذاته الذي كان بلا مفصل إذا طرأ عليه الانفصال انعدم وحدث هناك جوهران متّصلان في ذاتهما ، فلا بدّ هناك من شيء آخر مشترك بين المتّصل الأوّل وبين هذين المنفصلين ، ولا بدّ أن يكون ذلك الشّيء باقيا بعينه في الحالتين ، وإلّا لكان تفريق الجسم إلى جسمين إعداما لجسم بالكلّية وإيجادا لجسمين آخرين من كتم العدم ، والضرورة تقضي ببطلانه.
وأجيب عنه بمنع الملازمة ، لأنّ تفريق جسم إلى جسمين إعدام لصفة من صفات الجسم الأوّل بالضرورة ، وهي صفة الاتّصال ، لا أنّه إعدام لشخصه وإحداث لشخصين آخرين حتّى يتمّ المطلوب. وإلى ذلك أشار المحدّث الأمين الأسترآبادي بما نقله عن المشّائين والإشراقيّين من قضيّة تفريق ماء كوز إلى كوزين.
ثمّ إنّ المشّائين طائفة من الحكماء لم يعتبروا في تحصيل المعارف بالرياضات والتصفية والمكاشفات ، فأخذوا مسلك الاستدلال والوقوف على حقيقة الأشياء بالبرهان. وقيل في وجه تسميتهم : إنّهم كانوا كثيري المشي والتردّد إلى أستاذهم المعلّم الأوّل لأخذ العلوم وتعلّمها ، أو كان بناء المعلّم على التدريس حين مشيه ذهابا إلى الإسكندريّة وإيابا منها. والإشراقيّون طائفة من الحكماء أعرضوا عن طريق الاستدلال ، فاعتبروا في الوقوف على حقيقة الأشياء بالكشف والشهود بمجاهدة النفس وتصفية الباطن.
٦٧. خلاف هذا المحدّث مع المحدّث السابق بعد اعتباره ما اعتبره في موضعين ، أحدهما : اعتبار هذا المحدّث حكم العقل في البديهيّات وإن لم يكن ثبوتها من الشرع ضروريّا ، بل كانت بديهيّة عند العقل. وبالجملة إنّ النسبة بين ما كان