شرح التهذيب على ما حكي عنه ـ قال بعد ذكر كلام المحدّث المتقدّم بطوله : وتحقيق المقام يقتضي ما ذهب إليه. فإن قلت : قد عزلت العقل عن الحكم في الاصول والفروع ، فهل يبقى له حكم في مسألة من المسائل؟ قلت : أمّا البديهيّات فهي له وحده ، وهو الحاكم فيها. وأمّا النظريات فإن وافقه النقل وحكم بحكمه قدّم حكمه على النقل وحده ، وأمّا لو تعارض هو والنقلي فلا شكّ عندنا في ترجيح النقل وعدم الالتفات إلى ما حكم به العقل.
قال : وهذا أصل يبتنى عليه مسائل كثيرة ، ثمّ ذكر جملة من المسائل المتفرّعة (٢).
أقول : لا يحضرني شرح التهذيب (٦٨)
______________________________________________________
بديهيّا عند العقل كما استثناه هذا المحدّث ، وما تبت بالضرورة من الشرع كما استثناه المحدّث السابق ، عموم من وجه. وثانيهما : تقديمه الحكم العقلي المعاضد بالنقلي على الحكم النقلي المعارض له.
٦٨. لم يحضرني أيضا شرح التهذيب ، إلّا أنّ المحدّث البحراني قد نقل في مقدّمات الحدائق عنه كلاما في أنواره مشتملا على جملة من الفروع المتفرّعة على هذه المسألة ، فلا بأس بنقله ، فإنّه بعد نقل كلام للمحقّق في اعتبار حكم العقل قال : «وبالجملة ، فكلامهم تصريحا في مواضع وتلويحا في أخر متّفق الدلالة على ما نقلناه ، ولم أر من ردّ ذلك وطعن فيه سوى المحقّق المدقّق السيّد نعمة الله الجزائري طيّب الله مرقده في مواضع من مصنّفاته منها كتاب الأنوار النعمانيّة ، وهو كتاب جليل يشهد بسعة دائرته ، وكثرة اطّلاعه على الأخبار ، وجودة تبحّره في العلوم والآثار ، حيث قال فيه ونعم ما قال ، فإنّه الحقّ الذي لا يعتريه غياهب الإشكال ، إنّ أكثر أصحابنا قد تبعوا المخالفين من أهل الرأي والقياس وأهل الطبيعة والفلاسفة وغيرهم من الذين اعتمدوا على العقول في استدلالاتها ، وطرحوا ما جاءت به الأنبياء حيث لم يأت على وفق عقولهم ، حتّى نقل أنّ عيسى على نبيّنا وآله وعليهالسلام لمّا دعا أفلاطون إلى التصديق بما جاء به أجاب بأنّ