.................................................................................................
______________________________________________________
عيسى عليهالسلام رسول إلى ضعفة العقول ، وأمّا أنا وأمثالي فلسنا نحتاج في المعرفة إلى إرسال الأنبياء.
والحاصل : أنّهم ما اعتمدوا في شيء من امورهم إلّا على العقل ، فتابعهم بعض أصحابنا وإن لم يعترفوا بالمتابعة فقالوا : إنّه إذا تعارض الدليل العقلي والنقلي طرحنا النقلي أو تأوّلناه بما يرجع إلى العقلي. ومن هنا تراهم في مسائل الاصول يذهبون إلى أشياء كثيرة قد قامت الدلائل النقليّة على خلافها ، لوجود ما تخيّلوا أنّه دليل عقلي ، كقولهم بنفي الإحباط في العمل تعويلا على ما ذكروه في محلّه من مقدّمات لا تفيد ظنّا فضلا عن العلم ، وسنذكرها إن شاء الله تعالى في أنوار القيامة ، مع وجود الدلائل من الكتاب والسنّة على أنّ الإحباط ـ الذي هو الموازنة بين الأعمال ، وإسقاط المتقابلين وإبقاء الرجحان ـ حقّ لا شكّ فيه ولا ريب يعتريه. ومثل قولهم : إنّ النبي صلىاللهعليهوآله لم يحصل له الإسهاء من الله تعالى في صلاة قطّ ، تعويلا على ما قالوه من أنّه لو جاز السهو عليه في الصلاة لجاز عليه في الأحكام ، مع وجود الدلائل الكثيرة من الأحاديث الصحاح والحسان والموثّقات والضعاف والمجاهيل على حصول مثل هذا الإسهاء ، وعلّل في تلك الروايات بأنّه رحمة للأمّة لئلّا يعيّر الناس بعضهم بعضا بالسهو. وسنحقّق هذه المسألة في نور من هذا الكتاب. إلى غير ذلك من مسائل الاصول.
وأمّا مسائل الفروع فمدارهم على طرح الدلائل النقليّة ، والقول بما أدّت إليه الاستحسانات العقليّة. وإذا عملوا بالدلائل النقليّة يذكرون أوّلا الدلائل العقليّة ثمّ يجعلون دليل النقل مؤيّدا لها ومعاضدا إيّاها ، فيكون المدار والأصل إنّما هو العقل. وهذا منظور فيه ، لأنّا نسألهم عن معنى الدليل العقلي الذي جعلوه أصلا في الاصولين والفروع ، فنقول : إن أردتم ما كان مقبولا عند عامّة العقول فلا يثبت ولا يبقى لكم دليل عقلي ، وذلك لما تحقّقت أنّ العقول مختلفة في مراتب الإدراك ، وليس لها حدّ نقف عنده ، فمن ثمّ ترى كلّا من اللاحقين يتكلّم على