.................................................................................................
______________________________________________________
دلائل السابقين وينقضه ، ويأتي بدلائل أخر على ما ذهب إليه. ولذلك لا ترى دليلا واحدا مقبولا عند عامّة العقلاء والأفاضل وإن كان المطلوب متّحدا ، فإنّ جماعة من المحقّقين قد اعترفوا بأنّه لم يتمّ دليل من الدلائل على إثبات الواجب ذلك ، أنّ الدلائل التي ذكروها مبنيّة على إبطال التسلسل ، ولم يتمّ برهان على بطلانه ، فإذا لم يتمّ دليل على هذا المطلب الجليل الذي توجّهت إلى الاستدلال عليه كافّة الخلائق ، فكيف يتمّ على غيره ممّا توجّهت إليه آحاد المحقّقين؟
وإن كان المراد به ما كان مقبولا بزعم المستدلّ به واعتقاده فلا يجوز لنا تكفير الحكماء والزنادقة ، ولا تفسيق المعتزلة والأشاعرة ، ولا الطعن على من ذهب إلى مذهب يخالف ما نحن عليه ، وذلك أنّ أهل كلّ مذهب استندوا في تقوية ذلك المذهب إلى دلائل كثيرة من العقل ، وكانت مقبولة في عقولهم معلومة لهم ، ولم يعارضها سوى دلائل العقل لأهل القول الآخر أو دلائل النقل ، وكلاهما لا يصلح للمعارضة لما قلتم ، لأنّ دليل النقل يجب تأويله ، ودليل العقل لهذا الشخص لا يكون حجّة على غيره ، لأنّ عنده مثله ، ويجب عليه العمل بذلك ، مع أنّ الأصحاب رضي الله عنهم ذهبوا إلى تكفير الفلاسفة ومن يحذوا حذوهم ، وتفسيق أكثر طوائف المسلمين ، وما ذاك إلا لأنّهم لم يقبلوا منهم تلك الدلائل ، ولم يعدّوها من دلائل العقل» انتهى كلامه زيد في الخلد إكرامه. ثمّ نقل عن الإمام الرازي كلاما منسوجا بهذا المنوال.
أقول : مواضع التعجّب من كلامه غير خفيّة على ذوي العقول. أمّا أوّلا : فإنّه إن أراد من متابعة أصحابنا لأهل الطبيعة والفلاسفة متابعتهم لهم في مخالفة الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام ، وما جاء منهم بالضرورة والبديهة في كلّ زمان ، لمجرّد متابعة عقولهم القاصرة ، كما يشهد به نقل حكاية أفلاطون مع عيسى على نبيّنا وآله وعليهالسلام ، فهي خطأ بالضرورة من طريقة أصحابنا ، ولا ينسب ذلك إليهم صبيّ فضلا عن لبيب خبير بطريقتهم في الاصولين والفروع. فمع القطع بصدق الأنبياء