.................................................................................................
______________________________________________________
فإن قلت : إنّ هذا المحذور مقلوب عليك على تقدير اعتبار القطع على القاطع كما ذكره المحدّث المذكور.
قلت : استحقاق الكفّار للعقاب مع فرض قطعهم بصحّة مذهبهم إنّما هو لتقصيرهم في مقدّمات قطعهم ، لما تقرّر في محلّ آخر من عدم وجود الجاهل القاصر في اصول الدين ، سيّما في المعارف الخمسة.
وأمّا ثالثا : فإنّ ما ذكره مخالف لما استفاضت الآيات القرآنيّة والأخبار المعصوميّة بالاعتماد على مقتضى العقول ، وبأنّ العقل حجّة من حجج الرحمن. قال سبحانه في غير موضع من كتابه : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي : يعملون بمقتضى عقولهم. وقال : (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.) وقال : (لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ.) وقال : (لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) قال : (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ.) وقال : (لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) وذمّ قوما لم يعملوا بمقتضى عقولهم ، فقال عزّ ذكره : (أَفَلا يَعْقِلُونَ.) وقال : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ.) وقال : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) وقال : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) إلى غير ذلك. وفي الحديث عن الكاظم عليهالسلام : «يا هشام إنّ لله على الناس حجّتين : حجّة ظاهرة وحجّة باطنة ، فأمّا الظاهرة فالأنبياء والرسل والأئمّة ، وأمّا الباطنة فالعقول». إلى غير ذلك من الأخبار المستفيضة في هذا المعنى. ولأجل هذه الآيات والأخبار المتكاثرة قد التجأ المحدّث البحراني إلى تسليم حجّية العقل الفطري كما نقله المصنّف رحمهالله عنه.
وأمّا رابعا : فإنّ ما نسبه إلى الأصحاب من نفي الإحباط فسنشير في مسألة زيادة الجزء عمدا من مسائل أصالة البراءة إلى موازنة الأقوال في ذلك ، فانتظره.
وأمّا خامسا : فإنّ نفي السهو عن النّبي صلىاللهعليهوآله هو الحقّ الذي لا محيص عنه ، فإنّه عيب ونقص في النفس ، مناف لمنصب النبوّة ، موجب لتنفّر الطبائع عنه ، سيّما إذا أدّى إلى ارتكاب القبائح وترك أهمّ الفرائض ، وربّما يكون عن تقصير وتهاون في