وهي منحصرة في أربعة (٤)
______________________________________________________
ثمّ إنّ مجمل الكلام في ضابط الأدلّة والاصول أنّ ما اعتبره الشارع ـ سواء كان من باب التأسيس أو الإمضاء والتقرير ـ إمّا أن يكون اعتباره في نفس الأحكام الكلّية ، أو في الموضوعات الخارجيّة ، أو في الأعمّ منهما. وعلى التقادير ؛ إمّا أن يكون اعتباره من باب الكشف والإصابة ، سواء كان له جهة كشف عند العرف واعتبره الشارع من هذه الجهة ، أم لا ولكن علم من دليل اعتباره أنّ الشارع إنّما اعتبره من حيث الكشف والإصابة ، فيكون كشفه حينئذ تعبّديا ، وإمّا أن يكون اعتباره من باب التعبّد من دون اعتبار جهة كشف فيه ، سواء كانت له جهة كشف عند العقلاء أم لا. فما اعتبره الشارع في الأحكام الكلّية من حيث الكشف يسمّى دليلا ، وربّما يوصف بالاجتهادي ، وفي الموضوعات يسمّى أمارة ؛ وما اعتبره من باب التعبّد المحض لبيان كيفيّة عمل الجاهل والشاكّ في الأحكام يسمّى أصلا عمليّا ، وربّما يسمّى بالدليل الفقاهتي ، وفي لسان بعض آخر بالدليل الفقهائي ، وهو الأنسب ، وفي الموضوعات أصلا عمليّا.
٤. هذا الحصر كما صرّح به في أوّل المقصد الثالث عقلي. ولا ينتقض بالقول بالبراءة عند الشكّ في الأجزاء والشرائط ، وفي الشبهة غير المحصورة ، والمحصورة التي خرج أحد طرفيه عن محلّ الابتلاء ، نظرا إلى كون الشكّ فيها في المكلّف به دون التكليف ، لأنّ من قال بالبراءة فيها أرجع الشكّ فيها إلى الشكّ في نفس التكليف كما سيجيء في محلّه.
نعم ، ينتقض الحصر بموارد العلم الإجمالي بالتكليف إذا لم تكن مخالفته مستلزمة للمخالفة القطعيّة العمليّة ، كما لو دار الأمر بين وجوب فعل وحرمته ، على ما اختاره المصنّف رحمهالله في هذا المقصد من عدم كون المخالفة الالتزاميّة القطعيّة مانعة من جريان أصالة البراءة. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ هذا الحصر بالنسبة إلى مذاق