وفيه : أنّ عموم وجوب الغضّ (١٤٥) على المؤمنات إلّا عن نسائهنّ أو الرجال المذكورين في الآية (٤١) يدلّ على وجوب الغضّ عن الخنثى ؛ ولذا حكم في جامع المقاصد بتحريم نظر الطائفتين إليها كتحريم نظرها إليهما (٤٢) ، بل ادّعى سبطه الاتفاق على ذلك (٤٣) ، فتأمّل جدّا.
ثمّ إنّ جميع ما ذكرنا إنّما هو في غير النكاح. وأمّا التناكح ، فيحرم بينه وبين غيره قطعا ، فلا يجوز له تزويج امرأة ؛ لأصالة عدم ذكوريّته (١٤٦) ـ بمعنى عدم ترتّب
______________________________________________________
١٤٥. لا يذهب عليك أنّ هذا مبنيّ على تحكيم العمومات في الشبهات المصداقيّة ، حيث إنّ الآية بعمومها قد دلّت على وجوب الغضّ على المؤمنات إلّا من النساء والرجال المذكورين في الآية ، والخنثى ـ على ما هو الفرض من عدم كونها طبيعة ثالثة ـ مردّدة بين دخولها تحت المستثنى أو المستثنى منه ، والتمسّك بالعموم مع اشتباه المخصّص ضعيف عند المصنّف كما صرّح به في بعض المسائل الآتية. وقد نبّه على كون التمسّك بالعموم في مسألة الخنثى مبيّنا على ما ذكر في تنبيهات الشبهة المحصورة.
ثمّ إنّي بعد ما ذكرت ذلك وقفت على حاشية للمصنّف رحمهالله قد تعرّض فيها لدفع الإشكال المذكور ، وهي ما كتبه على قوله «فتأمّل جدّا» حيث قال : «وجهه أنّ الشكّ في مصداق المخصّص المذكور ، فلا يجوز التمسّك بالعموم. ويمكن أن يقال : إنّ ما نحن فيه من قبيل تعلّق غرض الشارع بعدم وقوع الفعل في الخارج ولو بين شخصين ، فترخيص كلّ منهما للمخالطة مع الأجنبيّ مخالف لغرضه المقصود من عدم مخالطة الأجنبيّ مع الأجنبيّة. ولا يرد النقض بترخيص الشارع ذلك في الشبهة البدويّة ، فإنّ ما نحن فيه من قبيل ترخيص الشارع لرجلين في تزويج كلّ منهما لأحد المرأتين اللتين علم إجمالا أنّهما أختان لأحد الرجلين» انتهى ، فتأمّل.
١٤٦. قد يشكل التمسّك بالأصل بعدم الحالة السابقة ، إلّا باعتبار سلب الموضوع غير المعتبر في استصحاب عدم عنوانه الطارئ عليه ، مضافا إلى معارضته بمثله ، لفرض العلم بكون الخنثى مذكّرا أو مؤنّثا ، بناء على ما هو الفرض من عدم