الثاني : أنّ العمل (١٥٠)
______________________________________________________
١٥٠. يحتمل أن يريد به الاستحالة الذاتيّة ، بأن يريد أنّ الحلّية والحرمة من الصفات المتضادّة ، فلو جاز التعبّد بالظنّ أدّى إلى اجتماع ضدّين في محلّ واحد. ويحتمل أن يريد به الاستحالة العرضيّة ، بأن أراد أنّه لو جاز التعبّد بالظنّ أدّى ذلك إلى تحليل الحرام وبالعكس ، وهو لغو ومناف للغرض ، وصدوره عن الشارع الحكيم قبيح ، وصدور القبيح عنه محال ، لمنافاته الحكمة.
واحتجّ لابن قبة أيضا بوجوه :
أحدها : ما حكي عن ذريعة السيّد من أنّه لو أمكن التعبّد بخبر الواحد في الأحكام أمكن في نقل القرآن أيضا ، والتالي باطل بالإجماع ، فالمقدّم مثله.
وثانيها : أنّه لو جاز التعبّد بخبر الواحد في الأحكام الفرعيّة جاز في اصول العقائد أيضا ، والتالي باطل إجماعا ، فكذا المقدّم.
وثالثها : ما عن ذريعة السيّد من أنّه لو جاز الاعتبار بخبر الواحد لجاز في الأخبار المتعارضة أيضا ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
ويرد على الأوّل منع الملازمة ، إذ المقصود من إنزال القرآن صيرورته معجزا لمن أتى به ، فلا بدّ فيه من اقترانه بما يفيد العلم ، ليكون دليلا على نبوّته ، بخلاف الإخبار عن النبيّ في الأحكام الفرعيّة.
وعلى الثاني منع الملازمة أيضا ، إذ الفارق بين المقامين سهولة تحصيل العلم في أمّهات اصول العقائد ، لابتنائها على قواعد عقليّة أو عمليّة قطعيّة ، بل هي امور فطريّة يصل إليها عامّة الناس بفطرتهم التي فطرهم الله عليها ، لو لا كون أكثرهم مسبوقين بالشبهة ، بخلاف الأحكام الفرعيّة التي تقصر العقول الناقصة عن إدراكها ، لكون أكثرها تعبّدية لا سبيل للعقل إليها ، مع أنّ المطلوب في الاصول هو الاعتقاد وفي الفروع هو العمل ، فلو انسدّ باب العلم في بعض مسائل الاصول كتفاصيل المعاد مثلا نمنع ثبوت التكليف فيه ، إذ المطلوب في الاصول الاعتقاديّة ـ كما