به موجب لتحليل الحرام وتحريم الحلال ؛ إذ لا يؤمن أن يكون ما أخبر بحلّيته حراما وبالعكس. وهذا الوجه ـ كما ترى ـ جار في مطلق الظنّ ، بل في مطلق الأمارة الغير العلميّة وإن لم يفد الظنّ.
واستدلّ المشهور على الإمكان : بأنّا نقطع بأنّه لا يلزم من التعبّد به محال. وفي هذا التقرير نظر ؛ إذ القطع بعدم لزوم المحال في الواقع موقوف على إحاطة العقل بجميع الجهات المحسّنة والمقبّحة وعلمه بانتفائها ، وهو غير حاصل فيما نحن فيه.
فالأولى أن يقرّر (١٥١)
______________________________________________________
عرفت ـ هو تحصيل الاعتقاد ، ومع تعذّر الاعتقاد العلمي نمنع ثبوت التكليف بالظنّي منه ، بخلاف الأحكام الفرعيّة ، إذ المقصود منها العمل ، فمع تعذّر العلم بها أمكنت دعوى ثبوت التكليف بالعمل بالظنّ في مقام الامتثال ، خروجا من عهدة التكليف الثابت في الواقع بقدر الإمكان.
وعلى الثالث ـ مضافا إلى منع عدم العمل بالمتعارضين مطلقا ، لثبوت التكليف بالعمل بأحدهما من باب التسليم كما ورد عنهم عليهمالسلام ـ أنّ عدم العمل بهما لوجود المانع ـ وهو المعارض ـ لا يقاس عليه ما خلّي عن معارض مكافئ.
١٥١. لمّا كان ظاهر دليل المشهور دعوى الإمكان الواقعي ، وكان إثباته موقوفا على إحاطة العقل بجميع الجهات المحسّنة والمقبّحة وانتفائها في الواقع ، وكانت دعوى ذلك مصادمة للوجدان ، فعدل عنه المصنّف رحمهالله وقرّره بما يفيد الإمكان الظاهري. وحاصله : أنّ التعبّد بالظنّ لم تثبت استحالته ، إذ ليس في العقل ما يستحيله ، ومع الشكّ في إمكان شيء وامتناعه يحكم بإمكانه في مرحلة الظاهر ، لبناء العقلاء على الإمكان في مثله.
ولعلّ هذا التقرير مأخوذ من المحكيّ عن ابن سينا من قوله : «كلّما قرع سمعك وشككت في إمكانه وامتناعه نذره في بقعة الإمكان» لأنّ ظاهره أيضا دعوى الإمكان الظاهري في مقام الشكّ. ولعلّ مبناه ما أشرنا إليه من بناء