.................................................................................................
______________________________________________________
العقلاء. وأنت خبير بأنّه ـ مع بعده عن كلام ابن سينا ، لترفّع الحكماء عن التكلّم في إثبات الأحكام الظاهريّة ، لأنّ مسرح أنظارهم ومشرع أفكارهم بيان الامور الواقعيّة ـ أنّ ثبوت بناء العقلاء على وجه يجدي في المقام لا يخلو من إشكال بل منع.
نعم ، ربّما يتمسّك في المقام بالغلبة ، نظرا إلى كون الممكن أغلب من الممتنع ، لأنّ للأوّل فردين ، أحدهما : الممكن بالمعنى العامّ ، والآخر : الممكن بالمعنى الخاصّ ، بخلاف الممتنع.
وفيه : ـ مضافا إلى عدم وجود جامع بين الممكن والممتنع حتّى تدّعى الغلبة فيه صنفا أو فردا ـ أنّه إن اريد بها الغلبة صنفا ، بأن يدّعى كون الممكن أغلب صنفا من الممتنع ، ففيها منع تحقّق الغلبة بمجرّد وجود صنفين للممكن وصنف واحد للممتنع ، إذ المعتبر فيها كون الأفراد النادرة كالمعدومة في جنب الموجودة. وإن اريد بها الغلبة بحسب الأفراد ، بأن يدّعى كون أفراد الممكن ـ بمعنييه ـ أغلب بالنسبة إلى أفراد الممتنع ، ففيها منع واضح ، لتوقّفه على الإحاطة بأفراد الممتنع بحسب الواقع ، وليس للعقل إليها سبيل ، مع أنّ كلّ ممكن مع عدم بعض أجزائه أو شرائطه تنشعب منه أفراد متكثّرة للممتنع ، إذ لا ريب في امتناع ما يلاحظ مع عدم جزئه أو شرطه ، فتتضاعف أفراد الممتنع أضعاف مضاعف أفراد الممكن.
وقد يتمسّك له أيضا بالاستصحاب ، إذ الممتنع يحتاج إلى قدر زائد في رجحان العدم بالغ حدّ اللزوم ، كالواجب في الحاجة إلى القدر الزائد في رجحان الوجود ، والأصل عدم هذا القدر الزائد ، فيثبت به إمكان المشكوك فيه ، لأنّه ما خلا عن الرجحانين.
وفيه : أنّه إن اريد بأصالة عدم الزائد أصالة العدم مطلقا لإثبات العدم الخاصّ في مورد الشكّ ، ففيها أنّها حينئذ مثبتة. وإن اريد بها أصالة الزائد في خصوص مورد الشك ، ففيها أنّها موقوفة على العلم بتساوي الطرفين في مورد الشكّ ، وهو