تسليمه (*) (١٥٣) ـ إنّما هو فيما إذا بني تأسيس الشريعة اصولا وفروعا على العمل بخبر الواحد ، لا مثل (**) ما نحن فيه ممّا ثبت أصل الدين وجميع فروعه بالأدلّة القطعيّة ، لكن عرض اختفاؤها (***) من جهة العوارض وإخفاء الظالمين للحقّ.
وأمّا دليله الثاني ، فقد اجيب عنه (٢) تارة : بالنقض بالامور الكثيرة الغير المفيدة للعلم كالفتوى والبيّنة واليد ، بل القطع أيضا (١٥٤) ؛ لأنّه قد يكون جهلا مركّبا.
______________________________________________________
١٥٣. فيه إشارة إلى عدم تسليم القياس ، لوجود الفارق من وجهين : أحدهما : أنّ دواعي الكذب في الإخبار عن الله تعالى كثيرة ، لكون منصب النبوّة مشتملا على الرّياسة العامّة عن الله سبحانه ، فلا يقبل الإخبار عنه تعالى إلّا بالاقتران بما يفيد القطع بصدقه ، بخلاف التعبّد بالإخبار عن النبيّ صلىاللهعليهوآله في الأحكام الفرعيّة ، واختلاف موارد الإخبار ممّا لا مساغ لإنكاره. ولذا ترى العقلاء يقبلون إخبار واحد بموت زيد ، ولا يقبلون إخباره بمشيه على الماء أو عروجه إلى السماء أو نزوله تحت الأرض أو نحو ذلك.
وثانيها : أنّ تحصيل العلم بالنبوّة سهل يسير في حقّ كلّ أحد ، وإلّا لم يقع التكليف به ، بخلاف الأحكام الفرعيّة ، لأنّها على كثرتها وتشتّتها يعسر تحصيل اليقين بجميعها ، والوصول إليها على وجه العلم لجميع المكلّفين ، فلا مانع من تجويز الشارع بملاحظة هذا العسر الغالب التعبّد بخبر الواحد في الأحكام الفرعيّة مطلقا ، حتّى في الموارد التي يتيسّر فيها تحصيل العلم بها ، بأن يكون هذا العسر حكمة في تشريع العمل بخبر الواحد.
١٥٤. يرد عليه ـ مضافا إلى ما سيشير إليه ـ أنّ الجهل المركّب إنّما يرد نقضا على المستدلّ إن كان اعتبار العلم من باب جعل الشارع أو إمضائه لما استقلّ
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «بعد تسليمه» ، بعد تسليم صحّة الملازمة.
(**) في بعض النسخ : بدل «مثل» ، في.
(***) في بعض النسخ زيادة : في الجملة.