.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا دعوى اشتراط مطابقة العمل بالواقع فهي كسابقتها أيضا في المنع ، لأنّ المستفاد من قوله سبحانه : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) أنّ المناط في تحقّق التشريع الذي سمّاه الله تعالى افتراء مجرّد عدم وصول الإذن منه تعالى ، سواء طابق العمل بالواقع أم خالفه. ويظهر تقريب الدلالة فيه ممّا قدّمناه في بعض الحواشي السابقة. بل الظاهر المستفاد من لفظ التشريع عرفا أيضا هو مجرّد إدخال ما لم يظهر كونه من الدين فيه بعنوان كونه منه ، بحيث يزعم الجاهل بحقيقة الأمر كونه منه. ويمكن إرجاع الحدّ أيضا إلى هذا المعنى ولو بأدنى تصرّف وتوجيه ، لأنّ الدين عبارة عن أحكام مخصوصة جاء بها النبي صلىاللهعليهوآله ، وهذه الأحكام إنّما تعدّ دينا للمكلّف بعد ثبوتها بطرق معتبرة ، لوضوح عدم كفاية وجودها الواقعي في ذلك.
وأمّا الثاني فلا إشكال في جوازه ، بل ولا في حسنه ، ولكن بشرطين :
أحدهما : عدم معارضته بالاحتياط من جهة اخرى ، كصلاة الحائض في أيّام الاستظهار ، بناء على حرمة صلاتها ذاتا لا تشريعا ، لأنّ الإتيان بها في أيّام الاستظهار برجاء وجوبها في الواقع مناف لاحتمال حرمتها الذاتيّة ، فلا إشكال في عدم حسن الفعل حينئذ. وأما حرمته فهي تابعة للواقع. نعم ، لو قلنا بحرمة التجرّي كان الفعل حراما مطلقا.
وثانيهما : عدم مخالفته لمقتضى دليل آخر ، كما مثّل له المصنّف رحمهالله. ولا إشكال في حرمة الفعل حينئذ لأجل مخالفة الدليل.
وأمّا الثالث فلا ريب في تحقّق موضوعه فيما لا يعتبر فيه قصد القربة كالمعاملات ، لاقتحام أكثر الناس من التجّار وغيرهم فيها ، وإنشائهم للنقل والانتقال من دون أخذ أحكامها من العارفين بها ، بل وكذلك فيما يعتبر فيه قصد القربة أيضا كالعبادات ، إذ العوام كثيرا ما يدخلون فيها ويقصدون بها القربة مع جهلهم بكثير من أحكامها وأجزائها وشرائطها ، وهو واضح لمن تتّبع طريقة