هذه المسألة ، وهي حجّية قول اللغويّين في الأوضاع ، فإنّ المشهور كونه من الظنون الخاصّة التي ثبتت حجّيتها مع قطع النظر عن انسداد باب العلم في الأحكام الشرعيّة وإن كانت الحكمة في اعتبارها انسداد باب العلم في غالب مواردها ؛ فإنّ الظاهر أنّ حكمة اعتبار أكثر الظنون الخاصّة ـ كأصالة الحقيقة المتقدّم ذكرها وغيرها ـ انسداد باب العلم في غالب مواردها من العرفيّات والشرعيّات.
والمراد بالظنّ المطلق (٢٦٩) ما ثبت اعتباره من أجل انسداد باب العلم بخصوص الأحكام الشرعيّة ، وبالظنّ الخاصّ ما ثبت اعتباره ، لا لأجل الاضطرار إلى اعتبار مطلق الظنّ بعد تعذّر العلم.
وكيف كان : فاستدلّوا على اعتبار قول اللغويّين باتّفاق
______________________________________________________
باختلافها قوّة وضعفا. منها : قول أهل اللغة ، سيّما إذا كان من المعروفين بالضبط وكثرة التّتبع ، مثل الخليل والأصمعي وابن سكيت والجوهري. ومنها : اشتهار المعنى بين الفقهاء. ومنها : قول الفقيه ، بأن يفسّر لفظا بمعنى. ومنها : سائر الأسباب المفيدة للظنّ من دون اختصاص بسبب دون آخر ممّا لم يقطع بعدم اعتباره ، كالقياس على ما ذكره صاحب المعالم من عدم عمل العاملين بالقياس به في إثبات الأوضاع. وهذه امور مفيدة للظنّ ، متدرّجة في الاعتبار قوّة وضعفا ، وأقواها أوّلها.
٢٦٩. فيه نظر ، لأنّ الظاهر أنّ المناط في الفرق بينهما أنّ الظنّ المطلق كلّ ظنّ كان اعتباره بهذا الوصف العنواني من دون خصوصيّة لسبب فيه ، سواء كان المثبت له هو دليل الانسداد المعروف أو غيره ، إذ لو فرض انعقاد إجماع أو ورود خبر قطعي على اعتبار الظنّ مطلقا من أيّ سبب حصل كان هذا مطلقا ، كما يشعر بما ذكرناه وصفه بالإطلاق. والظنّ الخاصّ كلّ ظنّ اعتبره الشارع باعتبار عنوان خاصّ من جهة الأسباب أو غيرها ، سواء كان المثبت له دليل الانسداد أم غيره. ولذا ترى صاحب المعالم أنّه مع عدم عمله إلّا بالخبر الصحيح الأعلى قد استدلّ عليه بدليل الانسداد. وهذا وإن كان فاسدا في نفسه ، إلّا أنّه يدلّ على