.................................................................................................
______________________________________________________
مع أنّ التخيير في متعارضات الأخبار ثابت بالأخبار المستفيضة ، بخلاف متعارضات اللغة ، لأنّه لا يخلو : إمّا أن نقول باعتبار اللغة من باب الطريقيّة أو من باب الموضوعيّة والسببية. ومقتضى القاعدة في التعارض على الثاني وإن كان هو التخيير ، إلّا أنّ القول باعتبارها من باب الموضوعيّة في غاية البعد. ومقتضاها على الأوّل هو التساقط والرجوع إلى مقتضى القواعد والاصول.
وممّا ذكرناه يظهر الإشكال في ملاحظة الترجيح في متعارضات اللغات كما عرفته من العلّامة الطباطبائي ، لما عرفت من عدم تحقّق التعارض فيها حقيقة. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ التعارض مانع من حصول الظنّ بأحد المتعارضين ، وطلب الترجيح إنّما هو لتحصيل الظنّ بما وافقه المرجّح ، فتأمّل.
وحاصل الكلام وفذلكة المقام : أنّ ما ذكروه في تعارض الأخبار من حمل العامّ على الخاصّ ، والحكم بالتساقط والرجوع إلى مقتضى الاصول والقواعد في مادّة التعارض في وجه ، أو ملاحظة حكم الترجيح في وجه آخر في العامّين من وجه ، والحكم بالتخيير في المتباينين ، غير جار في المقام ، والسرّ فيه يظهر ممّا قدّمناه.
الثالث : اعلم أنّهم قد ذكروا لمعرفة الحقيقة والمجاز علامات ، منها تصريح أهل اللغة. لكن يشكل تمييز ذلك في الأكثر بالرجوع إلى كتب اللغة ، لعدم تصريحهم بذلك فيها في الأكثر. وحينئذ تنتفي فائدة تدوين اللغة وجمعها غالبا ، من حيث معرفة الأوضاع لتثمر في مقام تعيين المرادات ، بالحمل على المعنى الحقيقي مع عدم القرينة وعلى المجازي معها. نعم ، غاية ما يظهر ممّا جمعوه من كتب اللغة استعمالات الألفاظ وإطلاقاتها ، إلّا أنّه لا يترتّب عليه كثير فائدة.
نعم ، قال العلّامة الطباطبائي في شرح الوافية : «واعلم أنّ المجاز كالحقيقة قد يعرف بالضرورة من اللغة ، كالأسد في الشجاع ، واليد في النعمة ، والغيث في النبات ، والأصابع في الأنامل ، وبنصّ أهل اللغة على أنّه مجاز ، كأن يصرّحوا باسمه أو حدّه أو خاصّته. وقد يشكل التمييز بين الحقيقة والمجاز من كتب اللغة ، حيث