.................................................................................................
______________________________________________________
إنّ الأكثرين خلطوا بين المعاني الحقيقيّة والمجازيّة بحيث يصعب الفرق بينهما غالبا ، إذ لم يصرّحوا بالاسم ولا بالحدّ والخاصّة إلّا نادرا. لكنّ الظاهر أنّهم متى قالوا : اسم لكذا أو كذا ، فإنّما يعنون به الحقيقة ، وإذا قالوا : قد يقال لكذا وقد يطلق على كذا أو جاء أو يجيء لكذا ، فإنّما يعنون المجاز. وقد ذكر بعض المحقّقين أنّ أوّل ما يذكرونه في العنوان مقدّما على غيره هو المعنى الحقيقي ، لبعد تقديم المجاز على الحقيقة في الذكر ، وكذا في كون الجميع مجازات ، وهو قريب» انتهى.
وأقول : إنّ ما استقربه ممّا نقله أخيرا عن بعض المحقّقين واضح المنع ، لأنّ مجرّد الاستبعاد لا يفيد شيئا ، وقد حصل منه ظنّ ، فلا دليل على اعتباره إلّا على القول باعتبار مطلق الظنّ في الأوضاع ، لكنّ الكلام في حصول الظنّ بما ذكره.
الرابع : قد صرّح صاحب المعالم بعدم عمل العاملين بالقياس في الأحكام به في اللغات. وقال العلّامة الطباطبائي في شرح الوافية : «اعلم أنّ بعض الناس ذهب إلى أنّ اللغة تثبت بالقياس إذا كان بين الأصل والفرع جامع يصلح للعلّية ، كتسمية النبيذ خمرا إلحاقا له بالعقار ، لمعنى مشترك هو التخمير للعقل. وكذا تسمية اللائط زانيا والنبّاش سارقا ، لجامع الإيلاج المحرّم والأخذ بالخفية» انتهى.
أقول : إنّ للناس في ذلك مذاهب :
أحدها : المنع مطلقا ، كما عن الصيرفي والقاضي في أحد النقلين وابن القطّان وإمام الحرمين والغزالي والآمدي ، بل معظم الشافعيّة والحنفيّة.
وثانيها : الجواز كذلك. وعزاه جماعة إلى أكثر الشافعية ، كالقاضي أبي طيب وابن برهان والسمعاني. ومن القائلين به ابن سريج وابن أبي هريرة وأبو إسحاق الشيرازي والإمام.
وثالثها : أنّه يجوز ولكن لم يقع. حكاه ابن فورك.
ورابعها : ما حكاه السمعاني عن ابن سريج واختاره من جواز ثبوت اللّغة بالقياس في الأسماء اللغويّة دون الشرعيّة.