والذي يقوى في النظر هو عدم الملازمة بين حجّية الخبر وحجّية الإجماع المنقول ، وتوضيح ذلك يحصل بتقديم أمرين (٢٨٤):
______________________________________________________
٢٨٤. وجه الحاجة إلى الأمرين أنّه قد تدعى الملازمة بين حجّية الإجماع المنقول وخبر الواحد ، نظرا إلى كون كلّ منهما نقلا لقول المعصوم عليهالسلام ، فيدلّ على حجّية الأوّل ما يدلّ على حجّية الثاني. فبيّن في الأمر الأوّل أنّ خبر الواحد إخبار عن قول المعصوم عليهالسلام عن حسّ ، والإجماع المنقول إخبار عنه عن حدس ، وأدلّة أخبار الآحاد إنّما تدلّ على حجّية الأوّل دون الثاني.
وقد تدّعى الملازمة بينهما مع تسليم عدم دلالة أدلّة أخبار الآحاد على حجّية الإخبار عن حدس في الجملة ، نظرا إلى أنّ التحدّس عن اللازم بالملزوم على وجهين ، أحدهما : أن تكون الملازمة بينهما ضروريّة أو عاديّة. وثانيهما : أن تكون اتّفاقيّة. واستلزام اتّفاق فتاوى العلماء أو جماعة منهم لقول الإمام عليهالسلام قد يكون من قبيل الأوّل ، كاتّفاق فتاوى جميع علماء الأعصار ، وقد يكون من قبيل الثاني ، كما إذا اتّفق حصول العلم بقول الإمام عليهالسلام من اتّفاق جماعة. وأدلّة أخبار الآحاد إنّما لا تشمل اللوازم الحدسيّة إذا كانت الملازمة اتّفاقيّة ، وإلّا فلا ريب في شمولها لما كانت الملازمة فيه ضروريّة أو عاديّة. ولذا يعدّ الإخبار عن قتل مائة أو قتل أبطال شجعان في قضايا متعدّدة إخبارا عن شجاعة القاتل ، وكذا عن بذل أموال جزيلة في وقايع متكرّرة إخبارا عن سخاوة الباذل ، وهكذا. فأشار في الأمر الثاني إلى أنّ الإجماع في الاصطلاح اتّفاق علماء عصر من الأعصار على أمر ديني ، ولا ريب أنّ ملازمة اتّفاق علماء عصر لموافقة قول الإمام عليهالسلام مع قطع النظر عن موافقة السابقين واللاحقين ومخالفتهم أو مع ملاحظة مخالفتهم سيّما مع قلّة العلماء المتّفقين في عصر ليست ضروريّة ولا عاديّة ، فلا تشمله أدلّة أخبار الآحاد.
وبعبارة اخرى : أنّ حاصل الأمر الأوّل هو منع الملازمة بين حجّية الخبر والإجماع المنقول باعتبار نقل المنكشف ، وهو قول الإمام عليهالسلام. وحاصل الأمر الثاني