والحاصل : أنّ أخبار الحلّ (١٥٦٨) نصّ في الشبهة الابتدائيّة وأخبار الاجتناب نصّ في الشبهة المحصورة ، وكلا الطرفين ظاهران في الشبهة الغير المحصورة ، فإخراجها عن أحدهما وإدخالها في الآخر ليس جمعا بل ترجيحا بلا مرجّح ، إلّا أن
______________________________________________________
في الإجماع ، لاختصاص خلافهم بالشبهات الحكميّة التحريميّة ، لإجماعهم على أصالة البراءة في الشبهات الحكميّة الوجوبيّة ممّن عدا الأمين الأسترآبادي ، وفي الشبهات الموضوعيّة مطلقا.
فإن قلت : إنّ أخبار وجوب الاجتناب ـ مثل قوله صلىاللهعليهوآله : «اتركوا ما لا بأس به حذرا عمّا به البأس» ونحوه ـ عامّة لجميع الشبهات ، وقد عارضها دليلان ، أحدهما : الإجماع ، والآخر : أخبار الحلّ ، فلا وجه لتخصيصها أوّلا بالإجماع ، ثمّ ملاحظة النسبة بينها وبين أخبار الحلّ.
قلت : نعم ، لكنّه إنّما يتمّ فيما تعارضت الأدلّة بأزيد من دليلين ، ولم يكن أحدها أخصّ من الباقي ، وإلّا فلا بدّ من التخصيص أوّلا بالخاصّ ، ثمّ ملاحظة النسبة بين الباقي وإن انقلبت إلى نسبة اخرى بعده ، كما سيجيء في خاتمة الكتاب.
١٥٦٨. ربّما يتوهّم أنّ الأولى أن يقال : مضافا بدل قوله : الحاصل ، نظرا إلى أنّ ما ذكره ليس حاصلا لما قبله ، لأنّ مقتضى كون النسبة بين الأخبار هو العموم والخصوص مطلقا تخصيص العامّ بالخاصّ ، لا فرض قدر متيقّن لكلّ من الطرفين ، واعتبار تعارضهما في مادّة ، ثمّ نفي أولويّة إدخالها تحت أحدهما بالخصوص ، لكون ذلك وظيفة تعارض العامّ والخاصّ من وجه لا مطلقا.
ويمكن دفع هذا التوهّم بأنّ العامّ والخاصّ مطلقا إذا كان لكلّ منهما فرد متيقّن الدخول تحته ، وتعارضا في فرد آخر على وجه كان ظهور كلّ منهما فيه بمرتبة واحدة ، يجري عليه حكم تعارض العامّ والخاصّ من وجه ، وما نحن فيه من هذا القبيل.
فإن قلت : إنّما نمنع كون النسبة بينهما عموما وخصوصا مطلقا ، لأنّه إذا