حين العمل كما ذكرنا ؛ ولذا لم يجوّز هذا من أوّل الأمر. وبعبارة اخرى : الجزم بالنيّة معتبر في الاستدامة كالابتداء ، ومن أنّ المضيّ على العمل (*) متردّدا بانيا على استكشاف حاله بعد الفراغ ؛ محافظة على عدم إبطال العمل ـ المحتمل حرمته واقعا على تقدير صحّته ـ ليس بأدون من الإطاعة التفصيليّة ، ولا يأباه العرف ولا سيرة المتشرّعة. وبالجملة فما اعتمد عليه في عدم جواز الدخول في العمل متردّدا من السيرة العرفيّة والشرعيّة غير جار في المقام.
______________________________________________________
وإن كان واردا في مقام حكم آخر ، وهو عدم مانعيّة ما وقع في أثناء العمل ، إلّا أنّ الاحتياط والبناء على الفحص والسؤال بعد الفراغ لو كانا مفسدين للعبادة لوجب عليه التنبيه عليه ، فعدم التعرّض للفساد من هذه الجهة يدلّ على عدمه.
تنبيه : اعلم أنّ ما ذكره المصنّف رحمهالله من حكم الاحتياط فيما استلزم تكرار العمل وعدمه فيما كانت العبادة من قبيل الأفعال واضح. وأمّا إن كانت من قبيل التروك كالصوم ، ففي جواز ترك طريقي الاجتهاد والتقليد والأخذ بالاحتياط فيها وعدمه وجهان ، من اعتبار قصد الوجه عند المشهور ، فيجب قصد الوجوب عند ترك ما يحرم فعله فيبطل بدونه ، ومن أنّ المقصود من تحريم ما حرّم ارتكابه في الصوم حصول تركه في الخارج ، ولذا أفتوا بصحّة صوم من جهل بتروك الصوم إذا قصد الاجتناب عمّا يعلم إجمالا بتحقّق ترك ما يحرم ارتكابه فيه بتركه. وبالجملة ، أنّ الظاهر ثبوت الفرق عند المشهور بين العبادات الفعليّة والتركيّة ، بكفاية قصد الوجه الواقعي الحاصل مع الاحتياط في الثانية دون الاولى.
ثمّ إنّ جميع ما تقدّم إنّما هو في العبادات. وأمّا المعاملات فلا إشكال في جواز الاحتياط فيها حتّى عند المشهور ، وإن استلزم تكرار العمل أيضا ، لعدم اعتبار قصد الوجه ـ بل القربة ـ فيها ، لكونها واجبات توصّلية ، والمقصود منها حصول وجودها في الخارج بأيّ نحو اتّفقت ، فإذا وجدت ولو بين امور متعدّدة
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : ولو.