.................................................................................................
______________________________________________________
الفحص عن قيمة ما باعه فصار مغبونا في البيع ، وبين الحرام كذلك ، كما إذا أجنب نفسه مع علمه بتضرّره بالغسل. فعموم نفي الضرر بنفى وجوب كلّ من الوضوء والغسل ولزوم البيع.
نعم ، لو أقدم المكلّف على إدخال الضرر على نفسه ، كما إذا باع بدون ثمن المثل عالما به ، فالقاعدة لا تنفيه ، لأنّ الحكم حينئذ لم يحصل بحكم الشارع ، بل بفعله وإقدامه. بل لا يبعد أن يكون نفي الضرر حينئذ مناقضا للقاعدة ، لأنّ إلزام المكلّف على خلاف مراده ومقصوده إضرار به.
فما ذكر صاحب الجواهر في وجه وجوب ردّ المغصوب إلى مالكه ، وإن استلزم تضرّر الغاصب بأضعاف قيمة المغصوب ، من أنّه هو الذي أدخل الضرر على نفسه بسبب الغصب ، لا يخلو من إشكال ، لأنّه إن أراد بإدخال الضرر على نفسه إيجاد مقدّماته ، فقد عرفت أنّه لا يمنع جريان القاعدة. وإن أراد الإقدام عليه بإرادته وقصده فهو ممنوع ، لأنّ الغاصب إنّما يريد الانتفاع بالمغصوب لا إدخال الضرر على نفسه. ولكن أصل الحكم مشهور ، بل يكاد لا يوجد فيه خلاف.
ويمكن توجيهه بأنّ إحداث الغصب كما أنّه ضرر على المالك ، كذلك إبقاء المغصوب وعدم ردّه إليه ، فيتعارض ضرر الإبقاء العائد إلى المالك مع ضرر الردّ الحاصل للغاصب ، وحينئذ إمّا يحكم بتعارضهما وتساقطهما والرجوع إلى أصل آخر ، وهو عموم حرمة الإضرار بالغير ، لأنّ حرمته ـ كحرمة الإضرار بالنفس ـ ثابتة بأدلّة أخر سوى أدلّة نفي الأحكام الضرريّة ، وإن كانت هي من جملتها ، وقد عرفت أنّ إبقاء المغصوب ضرر على المالك ، وبعد تعارض فردي عموم نفي الحكم الضرري يرجع إلى عموم حرمة الإضرار. وإمّا يرجّح ضرر المالك ، لأنّ أخبار نفي الضرر ـ كما تقدّم سابقا ـ إنّما وردت في مقام الامتنان ، والمالك أولى من الغاصب في شمول المنّة والرأفة من الله تعالى له عند دوران الأمر بينهما ، لأنّ الغاصب لأجل غصبه قد صار سببا لعدم تعلّق التفضّل والمنّة من الله تعالى به.