اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٣٤)
قوله تعالى : (اللهُ) : مبتدأ ، (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : خبره ، (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ) أي : بالماء (مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) «من» بيان ، «رزقا» مفعول «أخرج» ، التقدير : أخرج به رزقا هو ثمرات. ويجوز أن يكون «من الثمرات» مفعول «أخرج» ، «رزقا» حالا من المفعول ، أو مصدرا من «أخرج» ؛ لأنه في معنى رزق.
فإن قيل : لأي معنى قال في النمل : (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ) [النحل : ٦٠]؟
قلت : حذفها هاهنا اكتفاء بقوله عقيبها : «فأخرج به من الثمرات رزقا لكم».
قوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) أي : ذلّلها لتجري في البحر لمصالحكم ، بأمره ، أي : بقوله : «كن» ، (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ) يريد : مياهها تركبونها وتجرونها حيث شئتم.
(وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ) في سيرهما واستنارتهما وإصلاحهما للأبدان والنبات وغير ذلك ، (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) يتعاقبان ، هذا للسياحة في الطلب ، وهذا للاستراحة من التعب.
(وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) «من» للتبعيض ، وقيل : زائدة. فإن كانت للتبعيض ؛ فالمعنى : وآتاكم بعض جميع ما سألتموه نظرا لكم لعلمه بمصالحكم. وإن كانت زائدة ؛ فالمعنى : وآتاكم كل ما سألتموه مما تحتاجون إليه ويتوقف صلاحكم عليه.