ألا أبلغ أبا سفيان عني |
|
فأنت مجوّف نخب هواء |
والنّخب : الذي لا فؤاد له.
وقد ذكرنا آنفا أن الأفئدة مساكن القلوب ، وأنه يعبر بها عنها. فإن أريد الأول ؛ فالمعنى : أفئدتهم فارغة من قلوبهم ، فإن قلوبهم تبلغ حناجرهم من شدة الخوف وتراكم تلك الأهوال ، فصارت أفئدتهم خالية منها ، وهذا قول ابن عباس وقتادة (١) ، ويوضحه قوله تعالى : (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ) [غافر : ١٨].
وإن أريد الثاني ؛ فالمعنى : قلوبهم صفر من العقل لما يلامسها من الخوف (٢).
وقال ابن جريج : أفئدتهم صفر من الخير خاوية (٣).
(وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) (٤٦)
(وَأَنْذِرِ النَّاسَ) خوّفهم (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) وهو يوم القيامة. ويوم مفعول الظرف.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٣ / ٢٤١). وانظر : الوسيط (٣ / ٣٥) ، وزاد المسير (٤ / ٣٧١).
(٢) قال ابن جرير الطبري (١٣ / ٢٤١) : وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في تأويل ذلك ؛ قول من قال : معناه أنها خالية ليس فيها شيء من الخير ولا تعقل شيئا.
(٣) البحر المحيط (٥ / ٤٢٤) ، وروح المعاني (١٣ / ٢٤٧).